٨ ـ (وَنَادَى اصْحَابُ الجَنَّةِ اصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُّم مَّاوَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ ان لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ). (الأعراف / ٤٤)
جمع الآيات وتفسيرها
الحزن والهم القاتل والحسرة اللامتناهية :
المقصود من العقوبات والآلام الروحية مجموعة من الممارسات التي تضغط على روح الإنسان ونفسه وإن كانت لاتؤثر على جسمه في الظاهر أو أنّ لها تأثيراً ثانياً إذ تؤذي الجسم مباشرة وتؤلم الروح أيضاً.
فنرى في الآية الاولى نموذجاً للقسم الثاني إذ تقول : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاولئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
لم يتسع حديث القرآن هنا لاعطاء مزيد من الايضاحات حول كيفية هذا العذاب ، والاسلوب الذي يؤدّى لِاهانة وإذلال أصحاب النّار ، بل أشار إلى الموضوع إشارة عامّة تشمل ـ بلا شك ـ جميع الجوانب المهينة في عذاب جهنّم التي تؤدّي إلى إذلال المستكبرين الطغاة ودفعهم إلى أدنى درجات الذلّة.
وقد احتمل بعض المفسّرين «كالقرطبي» أنّ العذاب المهين إشارة إلى المصير الذي آل إليه المشركون في معركة بدر ، ولكن لو التفتنا إلى الآية السابقة التي تحدثت عن «جنات النعيم» للمؤمنين لرأينا أنّ الآية دالّة على العذاب المهين الموجود في النّار.
وعلى كل حال يدل هذا التعبير الذي ورد عدّة مَرّات في القرآن الكريم على أنّ عذاب الجحيم مقرون بأنواع الاهانات التي تؤلم كلّا من الروح والجسد ، وهذا تجسيد للتحقير والاستهانة التي كانوا يبدونها للأنبياء والمؤمنين والمستضعفين من أهل الإيمان ، وهذا مايستلزم أن يتلقّوا في ذلك اليوم نتيجة عملهم بهذه الصورة.
وفي الآية الثانية كان الحديث عن فضيحة أهل النّار وهذا هو عذاب معنوي مؤلم ، فقد نقلت لنا الآية ذلك على ألسنة العلماء من أهل الإيمان الذين اطلقت عليهم «أولو الألباب»