تأثير روابط الأنساب بين الناس أثناء (نفخة الصور) : (فَإِذَا نُفِخَ فِى الصُّورِ فَلآ أَنسَابَ بَيْنَهُم يَوْمَئِذٍ وَلَايَتَسَآءَلُونَ) فمن الواضح أنّ السؤال سواء كان بمعنى التساؤل عن أحوال بعضهم البعض أو بمعنى طلب العون والمساعدة فإنّ كل هذا يحدث في نفخة القيامة (نفخة الحياة).
ومن الغريب أن نرى بعض المفسرين يحتملون أنّ المراد في هذه الآية النفخة الاولى.
على أيّة حال ، فإنّ عدم سؤال بعضهم للبعض الآخر محمول على كلا الاحتمالين بحكم انشغال كل واحد بنفسه وبالاهوال التي يتعرض إليها فلا يفكر بالآخرين.
من هنا يطرح هذا السؤال وهو كيف تتوافق هذه الآية مع غيرها من الآيات التي تذكر : (فَأَقْبَلَ بَعضُهُمْ عَلَى بَعضٍ يَتَسَآءَلُونَ). (الصافات / ٥٠)
وكذلك قوله تعالى : (وَبَرَزُوا للهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَآءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوآ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَل أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللهِ مِن شَىْءٍ). (إبراهيم / ٢١)
فيتضح الجواب عن هذا السؤال من خلال ملاحظة الآيات الكريمة بالنسبة إلى غيرها. فيستفاد من الآيات أنّ هناك مراحل ومواقف متعددة يوم القيامة ولكل مرحلة من هذه المراحل خصائصها ، والشاهد على هذا الكلام حديث الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله في جوابه عن هذا السؤال نفسه حيث قال صلىاللهعليهوآله : «ثلاثة مواطن تذهل فيها كل نفس : حين يرمى إلى كل إنسان كتابه ، وعند الموازين ، وعلى جسر جهنّم» (١).
أمّا الآية السادسة والسابعة فقد أشارتا أيضاً إلى النفخة الثانية ، قال تعالى : (وَتَركْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ في بَعْضٍ). (الكهف / ٩٩)
فهل أنّ هذا المشهد العظيم يكون بسبب كثرة الناس أم بسبب حالة الخوف والهلع أم لسيادة الفوضى في نهاية العالم؟
يرى البعض أنّ هذه الآية هي إشارة إلى (قوم يأجوج ومأجوج) (٢) بعد بناء سد ذي
__________________
(١). تفسير روح البيان ، ج ٦ ، ص ١٠٧.
(٢). راجع قصّة يأجوج ومأجوج ، تفسير الأمثل ذيل الآية ٩٨ ، من سورة الكهف.