وجاء نفس هذا المعنى أيضاً مع إضافة اخرى في الآية : (وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهينٌ). (النساء / ١٤)
وورد تعبير يشابه هذا في قوله تعالى : (انَّ الُمجْرِمِينَ فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ). (الزخرف / ٧٤)
ولكن لو التفتنا إلى الآيات السابقة كالآية (٢٠) من سورة الجن والتي يدور فيها الكلام عن دعوة النبي صلىاللهعليهوآله إلى التوحيد وتقويض الشرك ، وماجاء في الآية (٢٤ من نفس السورة) التي نقلت كلام مشركي قريش الذين كانوا يعنّفون النبي صلىاللهعليهوآله لعدم وجود الانصار والاعوان المتنّفذين ، لتبيّن لنا أنّ المقصود من «العصيان» هنا هو الكف عن الدعوة إلى التوحيد والميل إلى الشرك والكفر ، وعلى هذا فهي لا تتضمن أيّة دلالة على خلود جميع المجرمين في النّار.
ويُلاحظ وجود قرينة في ذيل الآية ٧٤ من سورة الزخرف دالة على هذا المعنى لأنّها تتحدث عمّن كانوا يضمرون العداء الشديد للدعوة ، وكانوا يظنّون أنّ الله غير مطلع على سرّهم ونجواهم ، ويُعتبر هذا بذاته من معالم الكفر ، (فتأمل).
وقد صرح الكثير من المفسّرين عند تعرّضهم للآية المذكورة بأنّ المقصود من العصيان فيها هو العصيان في التوحيد (١).
إلّا أنّ هذا الاحتمال ـ وهو أنّ المقصود من الخلود هنا هو العذاب الطويل ـ يبدو مُستبعداً جدّاً ، وذلك لأنّ تأكيد كلمة «الخلود» بكلمة «أبداً» دالٌ على أنّ المقصود هو خلود العذاب الإلهي.
* * *
النتيجة :
لقد أدركنا من خلال النقاط الثمان الآنفة الذكر وجهة نظر القرآن في موضوع المخلّدين
__________________
(١). راجع تفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، و ١٠ ، ص ٣٧٣ ؛ تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٥٢ ؛ وتفسير روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٢٠٠ ؛ وتفسير روح المعاني ، ج ٢٩ ، ص ٩٤.