القرآن والشفاعة
تمهيد :
إنّ العقوبات الإلهيّة يوم القيامة ليست ذات طابع انتقامي سواءً كانت قصيرة أم طويلة الأمد أم أبدية ، وسواءً كانت جسمية أم روحية وسواءً اعتبرناها كآثار طبيعية للعمل أو وضعية ، وقد وضعت بهدف تربية الإنسان أو كضمانة لتنفيذ القوانين الإلهيّة الرامية إلى تنمية الكمال الإنساني.
ولهذا السبب ، نرى سبل النجاة مشرعة أمام الإنسان ـ في نفس الوقت الذي نرى فيه القرآن الكريم يصف العقوبات الإلهيّة بالشّدة ـ وتمنح الفرصة للمذنبين للرجوع عن الخطأ وإصلاح أنفسهم وسلوك الطريق المؤدي إلى الله تعالى.
وتعتبر الشفاعة واحدةً من هذه الوسائل لأنّها تعني في المفهوم الصحيح للكلمة انذاراً للمذنبين بعدم هدم جسور العودة بأجمعها والحفاظ على خطوط الاتصال مع أولياء الله ، وإن وقعوا في بعض الذنوب فلا ييأسوا ، وعليهم الشروع بالعودة حيثما كانوا والمسارعة نحو رحمة الله الواسعة.
إنّ بحث الشفاعة بجميع تفاصيله ونقاطه التربوية المثيرة التي وردت في آيات كثيرة من القرآن الكريم ، يصب في هذا السياق.
ومن الأفضل الاكتفاء بهذا التمهيد الموجز ، ومن ثم نعود إلى القرآن الكريم لنتعرف من خلاله على حقيقة ومفهوم الشفاعة وعلى جميع الامور المتعلقة بها.
نمعن فيما يلي خاشعين في الآيات التالية التي قُسمت إلى عدّة مجاميع وبالشكل الآتي:
١ ـ (فَمَا تَنْفَعُهُم شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) (المدثر / ٤٨)