ويقدّم الجواب المناسب لكل سؤال يُطرح في هذا الصدد.
لكن عدم الاهتمام بالتفسير الموضوعي لهذه الآيات ، والنظر إلى بعضها واهمال البعض الآخر في الدراسات العامّة لموضوع الشفاعة قد آثار مشاكل عديدة وانتهى أحياناً إلى الضلال وإلى إضلال الآخرين أيضاً ، ويُعد هذا تقصير من قبل أولئك الذين أداروا ظهورهم للتفسير الموضوعي وحاولوا حل مثل هذه البحوث ـ التي لا تحل إلّابه ـ من خلال الاستناد إلى آية واحدة أو عدّة آيات ، أو حتّى يحتمل فيهم سوء النيّة في اختيار الآيات التي تتحقّق بها مقاصدهم.
فالآيات المذكورة تُقسم في الحقيقة إلى خمسة أقسام محددة يهدف كل واحد منها إلى غرض معيّن.
القسم الأول : الآيات التي تنفي الشفاعة بشكل قاطع
ومنها كالآية الأولى والثانية.
وصنفت الآية الأولى بعض أحوال المجرمين الذين لم يكونوا مؤمنين ، وأوضاعهم في جهنّم وحديثهم مع أهل الجّنة ثم قالت : (فَمَا تَنْفَعُهُم شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ).
إنّ هذه الآية وإن كانت تنفي أي نوع من أنواع الشفاعة بحق هذا الفريق (بما في ذلك شفاعة الأنبياء والأوصياء والملائكة والصديقين والشهداء والصالحين) ، إلّاأنّ وجود كلمة «الشافعين» وهي ظهور الفعلية ، تثبت وجود شافِعين ومشفَّعين في ذلك اليوم وأنّ شفاعتهم لا تنفع هؤلاء الذين كانوا يكذّبون بيوم الدّين ولم يكونوا يصلّون ولا يطعمون المسكين.
وكذلك تعبير «فَمَا تَنْفَعُهُم» يدل أيضاً على أنّ أحوالهم وأعمالهم ومعتقداتهم هي التي جلبت إليهم هذا الحرمان.
وعلى هذا الأساس فإنّ هذه الآية وإن كانت من الآيات النافية للشفاعة ، إلّاأنّ نصّها يثبت ضمنياً وجود الشفاعة.
ونفت الآية الثانية الشفاعة أيضاً وقالت : (وَاتَّقُوا يَوماً لَّاتَجْزِى نَفسٌ عَن نَّفسٍ شَيئاً