من المؤكّد أنّ عبداً لو أدخل السرور على المؤمن لأجل إيمانه ، فهو من ذوي الإيمان والعمل الصالح وذلك ممّا يوثّق علاقته بالله من أجل قبول شفاعته.
القسم الخامس : الآيات التي تشير إلى الأشخاص الذين لا تنالهم الشفاعة
(وهو القسم الأخير من الآيات التي ندرسها) وتشير إلى الأشخاص الذين لا تنالهم الشفاعة بسبب ما ارتكبوه من أعمال ، ومفهومها أنّ الشفاعة تشمل فئات اخرى ، تقول إحداهما : (مَّا لِلظَّالِمِينَ مِن حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ).
إذن فغير الظالمين بشكل عام يستحقّون الشفاعة.
ولكن ما المقصود بالظالمين؟ قال البعض من أمثال المحقق الطبرسي في مجمع البيان أنّهم المشركون والمنافقون ، لأنّ أسوأ الظلم هو الشرك والنفاق (١).
وصرح الفخر الرازي بأنّ المقصود بـ «الظالمين» هنا الكُفّار (٢).
والآيات السابقة لهذه الآية ، ومطلع نفس هذه الآية الذي يحذّرهم من عذاب يوم القيامة وكذلك الآيات الواردة بعدها والتي تذكُر مصير الكفّار السالفين الذين أصبحوا عبرة من خلال تعرضهم للعذاب الإلهي ، هي أيضاً شاهد ودليل على هذا المعنى.
وقال بهذا الرأي كل من صاحب تفسير روح البيان ، وصاحب روح المعاني والمراغي.
وعلى كل حال فإنّ نفي الشفاعة عن الظالمين بالخصوص (وبغض النظر عن المعنى الذي تُفسر فيه كلمة الظالمين) دليل على إثباتها لأقوام آخرين ، وهذا ما أكدناه مَرّات عديدة فالشفاعة لا تحصل اعتباطاً بل تحتاج إلى نوع من الاستحقاق والتأهيل ، أي إنّ المذنبين على صنفين : صنف يستحق الشفاعة وصنف لا يستحقّها.
* * *
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٧ ، ٨ ، ص ٥١٩.
(٢) تفسير الكبير ، ج ٢٧ ، ص ٥٠.