تنالهم الشفاعة تقوم على الجوانب الإيجابية والتأهيل والاستحقاق ، وكثيراً ما تكون الأسس المقبولة للاستحقاق هي العمل الصالح.
* * *
٢ ـ أنواع الشفاعة (الشفاعة التكوينية والشفاعة التشريعية)
لو ألقينا نظرة امعان على مفهوم الشفاعة لوجدناها من زاوية المصداق الخارجي واسعة إلى حد أنّها تشمل كل عالم الوجود ، لأنّ مساعدة الكائنات الأقوى للكائنات الأضعف على العيش والنجاة والحياة مشهودة في جميع مجالات الحياة.
فحين تنفلق البذرة وتخرج منها نبتة ضعيفة تهيّء لها الأرض المواد الغذائية اللازمة ، وترسل عليها الشمس أشعتها وحرارتها وطاقتها الخفية ، وتُسقط عليها الغيوم قطرات متواصلة من المطر ، لكي يشتد هذا الكائن الضعيف ويجتاز العقبات ليغدو في نهاية المطاف شجرة ضخمة محمّلة أغصانها بالثمار ، هذا مشهد واضح للشفاعة التكوينية.
وهنالك مشاهد اخرى للشفاعة التكوينية تتمثل في وقوف الوالدين إلى جانب المولود الضعيف ، والمزارع إلى جانب غرسه ، والمعلم إلى جانب الطفل الذي يتعلم حروف الهجاء ، وعلى هذا يمكن اعتبار كل عالم الأسباب والعلة والمعلول مشاهد متنوعة لهذه الشفاعة.
إنّ الشمس والريح والمطر والأرض لا تهرع بالتأكيد لإعانة خشبة يابسة ، فهي حطب ولا مصير لها سوى الاحتراق ، بل تهب لمساعدة النبتة المتفتحة توّاً والبراعم الضعيفة ، وباختصار فإنّ كل كائن يمتلك مقوّمات الكمال والنمو.
ولو نقلنا هذا المثال الواضح من عالم التكوين إلى عالم التشريع أي إلى شفاعة الأنبياء والأولياء للمذنبين ، سيتضح لنا المفهوم الحقيقي للشفاعة القرآنية ، ويكون ذلك ردّاً على انتقادات الجهلة ، وهنا تبرز لنا الشفاعة بمفهومها التربوي على أكمل وجه.
وردت في نهج البلاغة للإمام أميرالمؤمنين علي عليهالسلام ضمن كلماته القصار ، جملة