تعكس هذا المعنى بأسلوب جذّاب جدّاً يقول فيها : «الشفيع جناح الطالب» (١).
فكما أنّ الطيور صغيرة السن لا يمكنها الطيران إلّابمساعدة الأب والأم وكأنّهما يمثلان اجنحتها التي بها تطير إلى أن تكبر ، فكذلك الشفعاء يساعدون المشفوع لهم ليحلّقوا في سماء السعادة والكمال ، (فتأمل).
* * *
٣ ـ فلسفة الشفاعة
لقد اتّضحت لدينا فلسفة الشفاعة من خلال ما قيل في تفسيرها وكذلك من خلال الإشارات العديدة التي أوردناها في تفسير الآيات.
فالشفاعة لا تشجيع على الذنب ، ولا تمثل الضوء الأخضر لارتكاب المعاصي ، ولا هي من أسباب التخلف ولا هي شيء يشبه الواسطة في مجتمعات عالم اليوم ، بل هي مسألة تربوية تحضى بأهميّة بالغة ، ولها آثار إيجابية في الجوانب المختلفة ، ومن جملة ذلك :
أ) بعث الأمل ومواجهة روح اليأس
كثيراً مايتغلب هوى النفس على الإنسان ويدفعه لارتكاب الذنوب الكبيرة ، فتتغلب من بعد ذلك روح اليأس عليه ، ممّا يدفعه لارتكاب المزيد منها حتّى يغدو غارقاً في الذنوب لأنّه يتصور أنّه قد تجاوز الحد وغرق في بحر آثامه فما هو الفرق إن انغمس في الماء لقامة واحدة أو لمائة قامة!
لكن الاعتقاد بشفاعة أولياء الله يزرع في نفسه الأمل ، فلو وقف عند هذا الحد وأصلح نفسه ، فقد يُعفى عمّا سلف منه وذلك عن طريق شفاعة الأبرار والصالحين ، وعلى هذا فإنّ الأمل بالشفاعة يساعد على الكفّ عن ارتكاب المزيد من الذنوب والعودة إلى الصلاح والتقوى.
__________________
(١). نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة ٦٣.