ب) إيجاد العلاقة المعنوية مع أولياء الله
لو أمعنا النظر في ما قيل سابقاً في تفسير مفهوم الشفاعة لتوصّلنا وبكل سهولة إلى نتيجة مفادها أنّ الشفاعة مرهونة بوجود نوع من العلاقة بين الشفيع والمشفوع له ، وهي رابطة معنوية منبثقة من الإيمان وبعض الخصال الفاضلة وفعل الحسنات.
ومن المؤكد أنّ الذي يرجو الشفاعة يسعى دوماً لإقامة نوع من العلاقة مع الشفعاء وفعل ما يرضيهم ولا ينسف جسور العودة من خلفه ، ولا يفسخ عرى الصداقة والمحّبة عن آخرها ، وسيكون مجموع هذه الإجراءات عوامل مؤثرة في تربيته ، وسبباً لابتعاده عن صف المجرمين بالتدريج ، أو أن يقوم على أقل تقدير ببعض الأعمال الصالحة إلى جانب المعاصي والذنوب ، لانقاذ نفسه بالتدريج من الوقوع في حبائل الشيطان.
ج) نيل شروط الشفاعة
وردت في الآيات التي قمنا بتفسيرها سابقاً شروط مختلفة للشفاعة وأهمها استحصال الإذن من الله بذلك ، ومن البديهي أنّ من يرجو الشفاعة لابدّ وأن يحاول التمهيد للحصول على الإذن ، أي يفعل ما يُرضي الله.
فقد ورد في بعض الآيات السابقة أنّ الشفاعة يوم القيامة لا تنفع إلّامن رضي الرحمن قوله وأذِن له بالشفاعة (طه / ١٠٩).
وجاء في في قوله تعالى أنّهم : (لَا يَشفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارتَضَى). (الأنبياء / ٢٨)
وقوله تعالى : إنّ الشفاعة لا تكون إلّالمن : (اتَّخَذَ عِندَ الرَّحمنِ عَهداً). (مريم / ٨٧)
وكما قلنا سابقاً فإنّ هذه المقوّمات لا تتحقق إلّافي ظل الإيمان بالله وبمحكمته العادلة والاعتراف بحُسن العمل الصالح وقبح السّيئات والإقرار بصحة جميع القوانين والتعليمات الإلهيّة.
بالإضافة إلى ذلك فقد ورد في بعض الآيات السابقة أنّ الشفاعة لاتشمل الظالمين ، وبناءً على هذا يتوجّب على من يأمل في نيل الشفاعة الخروج من صف الظالمين (بغض النظر عن المعنى الذي تفسر به كلمة الظلم).