اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ الَى الْبَرِّ اذَا هُمْ يُشرِكُونَ) (١). (العنكبوت / ٦٥)
والغريب في الأمر هو تمسكهم بهذه الأقاويل التي لا تعدو أن تكون مجرّد سفسطة ومغالطة ، فيبيحون وبهذه البساطة أرواح وأموال خصومهم ، ويجيزون قتلهم ، كما يقول الشيخ «سليمان» وهو من زعماء هذه الفرقة الضالة في كتابه «الهدية السنيّة» بأنّ الكتاب والسُنّة يشهدان على أنّ كلّ من يجعل الملائكة والأنبياء أو بعض الأصحاب وأهل البيت كابي طالب وابن عباس واسطة بينه وبين الله عزوجل ليشفعوا له عند الله تعالى لقربهم منه كما يشفع إلى السلاطين بواسطة المقربين منه فمثل هذا الشخص كافر ومشرك ، ومباح دمه وماله حتى لو كان يشهد والشهادتين ويصلي ويصوم (٢).
لقد أثبتوا تمسكهم بهذا الحكم القبيح والمخزي أي اباحة دماء وأموال المسلمين من خلال الأحداث التاريخية المختلفة ومنها الحادثة المشهورة لقتل أهالي الطائف في الحجاز قتلاً جماعياً وذلك (في صفر عام ١٣٤٣) ، والقتل الجماعي لأهالي كربلاء في العراق (في ١٨ ذي الحجّة عام ١٢١٦) وهذا ماورد في الكثير من كتب التاريخ.
النقاط الخاطئة في هذا الاستدلال :
١ ـ إنّ الآيات الاثنتي عشرة التي أوردناها في بداية البحث بشأن موضوع الشفاعة وفسّرنا مفهومها تثبت لنا هذه الحقيقة وهي أنّ الشفاعة مبدأ إسلامي وقرآني بديهي إلّاأنّها تضّمنت شروطاً للشفيع وللمشفوع له ، وعلى هذا فلا يمكن لأحد أن يتحدث باسم الإسلام والقرآن وينكر هذا المبدأ بجميع دلائله البيّنة ، وإننا لنعجب كيف أنّهم يعتبرون أنفسهم مسلمين وينكرون هذا المبدأ الذي يُعَدُّ من ضرورات الإسلام والقرآن ، فهل ينكر المُسلم ضرورات الإسلام وأحكام القرآن؟
__________________
(١). «رسالة القواعد الأربع» تأليف محمد بن عبد الوهاب زعيم الوهابيين : من ص ٢٤ إلى ص ٢٧ وفقاً لما نقله كتاب كشف الارتياب ، ص ١٦٣.
(٢). الهدية السنية ، ص ٦٦.