جمع الآيات وتفسيرها
موضع بين الجنّة والنّار :
تتضمن الآيه الاولى إشارة إلى الآيات التي سبقتها وتتحدث عن الجنّة والنّار ، وأصحاب الجنّة وأصحاب النّار ثم تقول : «وبينهما حجاب».
وهذا الحجاب يمنع إلتقاء هذين الفريقين مع بعضهما ، ولكن لا يمنع من سماع الطرفين لأصوات بعضهما ، لأنّ الآيات السابقة تنقل لنا حديث أصحاب الجنّة وأصحاب النّار مع بعضهما إذ يُنادي أصحابُ الجنًة أصحاب النّار أن قد وجدنا ماوعدنا ربُّنا حقّاً فهل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقّاً ، قالوا : نعم.
ولا عجب في هذا فكثيراً ما يتحادث الجيران من وراء الجدار ويتساءلون عن أحوال بعضهم بينما لا يرى بعضهم الآخر أو لايوجد بينهما طريق للالتقاء وورد شبيه هذا المعنى في سورة الحديد حيث يقول المنافقون للمؤمنين انظرونا نقتبس من نوركم ، فيقولون لهم ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً ، وفي هذه الأثناء : (فَضُرِبَ بَينَهُمْ بِسُورٍ لَّهُ بَابُ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَابُ* يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ). (الحديد / ١٣ ـ ١٤)
فهل أنَّ هذا لسور العالي هو الأعراف أمْ شيء آخر؟ سنجدُ جواب هذا السؤال لاحقاً.
ثم تضيف الآية : (وَعَلَى الْأَعرَافِ رِجَالٌ يَعرِفُونَ كُلّاً بِسيَماهُمْ).
ولما كانت كلمة «الأعراف» تعني في اللغة الموضع المرتفع ، فيتبيّن أنّ هؤلاء الرجال أصحاب منزلة وشخصية ، إذ يشرفون من ذلك المقام المرتفع على كلا الفريقين ويرون كلا الفريقين ويعرفون كلًّا بسيماهم.
لماذا هذه المعرفة؟
يُستفاد من مجموع القرائن الموجودة في الآيات موضوع البحث ـ والتي سيأتي شرحها مفصّلاً في البحوث القادمة ـ وكذلك من الروايات الكثيرة الواردة في المصادر الإسلامية