يعني السجل الكبير الذي تجمع فيه كتب أعمال الأبرار والصالحين وهو سجل عالي المرتبة والمقام في جوار الله تبارك وتعالى (١).
* * *
الملائكة المراقبون :
الآية التاسعة لم تتحدث في الظاهر عن كتاب الأعمال لكونها عرضت هذه الحقيقة بتعبير آخر : (اذْ يَتَلقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الَيمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ) فمن الواضح أنّ التلقي هنا إشارة إلى التسجيل في صحف الأعمال ، ثم قال تعالى للتأكيد أكثر (مَّا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).
«يتلقى» : مشتق من مادة (لقاءِ) ولكن تلقي الأعمال هنا كناية عن أخذها وتسجيلها.
«المتلقيان» : هُما الملكان المأموران بأخذ وتسجيل أعمال الناس.
«قعيد» : من مادة قعود وهو الجلوس ، ويراد منها الملازم والمراقب كما نقول في كلامنا المتداول أنّ فلان جليس فلان بمعنى الملازم والمراقب له (٢).
«يلفظ» : مشتقة من مادة (لفظ) بمعنى قذف الشيء ، كما يقال (لفظت الرحى الدقيق) وتطلق هذه الكلمة على ما يخرجه الإنسان من فمه ، فكأنّها أشياء تقذف إلى الخارج.
«رقيب» : كما قال الراغب في مفرداته مشتق من مادة (رقبة) ، ويطلق على الشخص الذي يحافظ ويراقب شيئاً معيناً أو شخصاً.
«عتيد» : مشتق من مادة (عتاد) على وزن (جِهاد) بمعنى إعداد عدّة وذخيرة شيء قبل الحاجة ، لذا يطلق على الشخص المستعد لأداء فعل معين بـ (عتيد).
__________________
(١). يجب الالتفات إلى أنّ عليين جمعت حسب قاعدة جمع المذكر السالم في حين أنّ سجين مفرد ولكن هذا لا يمنع من أن يطلق ذلك على المكان المرتفع والمقام العالي بسبب علو مكانته ومنزلة ساكنيه.
(٢). المتلقيان مثنى ، وعلى هذا فلابدّ أن يكون (قعيد) مثنى أيضاً ، ولكن هناك حذف في الآية والتقدير ، عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد ، وحذفت الاولى بقرينة الثانية.