الانحطاط والتدني ، ومع عدم ورود كلام عن كتاب الأعمال في هذه الآيات إلّاأننا إذا أخذنا سائر الآيات القرآنية التي جاءت فيها هاتان الكلمتان بنظر الاعتبار يكون التفسير أعلاه مناسباً لهذا المعنى.
أمّا الآية الرابعة عشرة من الآيات السالفة الذكر والتي وردت في نفس سورة الواقعة : (وَأَصْحَابُ الَيمِينِ مَاأَصحَابُ الَيمِينِ* فِى سِدرٍ مَّخْضُودٍ) (وَأَصحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصحَابُ الشِّمَالِ فِى سَمُوْمٍ وَحَمِيمٍ).
فقد ذكر المفسرون في تفسير هذه الآيات نفس المعاني التي وردت في تفسير الآيات السابقة.
فقيل : هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم أو بشمائلهم أو هم أصحاب اليمين والبركة أو تعيسو الحظ أو الذين يتجهون نحو الجنّة من اليمين أو نحو الجحيم من اليسار أو هم الذين يظهر نورهم على يمينهم (١).
صحيفة أعمالنا أمام أنظار الجميع :
نلاحظ في الآية الخامسة عشرة تعبيراً جديداً حول صحف الأعمال وهذا التعبير عميق المحتوى : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ).
«نشرت» : مشتقة من مادة (نشر) بمعنى الفتح ، أمّا سبب ذكر هذا التعبير بخصوص كتاب الأعمال فامّا لكون الكتاب يطوى أثناء الموت ويعاد فتحهُ عند الحساب يوم القيامة ومثله كمثل الملف الذي يُغلَق بختم المحقق ثم يفتح أثناء المحكمة ، وإمّا أن تكون الصحف كلّها مجموعة عند الله تبارك وتعالى وتنشر وتقسم بين أصحابها يوم القيامة.
لقد انتخب بعض من المفسرين أحد المعنيين السالفين ، واحتمل البعض الآخر كليهما ، ونحن نقول : إنّ التفسير الأول هو الأنسب لسياق الآية ، على أيّة حال فإنّ صحف الأعمال
__________________
(١). تفسيرالتبيان ، ج ٩ ، ص ٤٩٣ ؛ وتفسيرالبيان ؛ وتفسيرالكبير ؛ وتفسير في ظلال القرآن ، ذيل الآيات مورد البحث.