٢ ـ ماهية صحف الأعمال
ممّا لا شك فيه أنّ صحف الأعمال الذي تعرض يوم القيامة ليست كمثل الأوراق والدفاتر والكتب المتداولة وإنّما هي نقوش معبرة غير قابلة للانكار ، فلو أنّ كتاب الأعمال كمثل هذه الأوراق والدفاتر المستعملة اليوم لاستوجب الأمر ملايين الأوراق لكتابة أعمال الإنسان خلال فترة عمره ولما أمكن للجميع مطالعة مثل هذا الكتاب ولما كان موجباً لخزي وفضح الأشرار وفخر الأخيار ، في حين يستفاد من الآيات والروايات أنّ أعمال الإنسان مثبتة بحيث يمكن الوقوف عليها بإلقاء نظرة واحدة ، إضافة إلى ذلك أنّ الخطوط والنقوش الاعتيادية ليست بالشكل الذي لايمكن انكارها ، في حين يتضح من الآيات والروايات أنّ خطوط هذا الكتاب ليست قابلة للانكار وهي سند حي وواضح لكل شخص وحتى لأصحابها.
نتطرق هنا بدقّة إلى بعض التفاسير المختلفة التي قيلت بخصوص صحف الأعمال:
١ ـ قيل في تفسيرها : (هي بعينها نفس الإنسان التي رسخت فيها آثار أعماله بحيث نقشت بها).
وجاء ما يطابق هذا التعبير في كتاب المرحوم الفيض الكاشاني حيث يقول : «إنّ كتاب الأعمال هو كناية عن نفس الإنسان التي رسخت فيها آثار أعماله» (١) ، إلّاأنّ هذا المعنى الكنائي لايتوافق مع ظواهر آيات القرآن الكريم وذلك لأنّ القرآن يذكر إتيان كتاب أعمال أصحاب اليمين بأيمانهم وكتاب الفجار بشمائلهم أو من وراء ظهورهم وهذا التعبير لا يتلائم مع التفسير المذكور إلّاإذا حمل تعبير (يمين) و (شمال) وسائر التعابير الاخرى على المعنى الكنائي وهذا خلاف الظاهر وهو غير جائز بدون دليل ، إضافة إلى ذلك لا يمكن أن يتوافق هذا التعبير مع تطاير الكتب الذي ذكرناه سابقاً.
٢ ـ للمرحوم العلّامة الطباطبائي تعبير آخر في هذا الصدد فيقول في تفسير الميزان مستفيداً من الآية الشريفة : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ ...). (آل عمران / ٣٠)
__________________
(١). تفسير الصافي ، ذيل الآية ١٣ من سورة الاسراء.