الأعمال الصالحة ، ولولا ضعف الإيمان أحياناً ووجود حجب الغفلة التي تكون العامل في أبعاد الإنسان عن هذه الحقائق المهمّة لكان الاعتقاد بهذا المبدأ القرآني كافياً لتربية وتزكية كل إنسان.
ونذكر هنا إنّ بعض الأدعية تتضمن دروساً تربوية للإنسان وتركز على ابراز هذا المعنى فنقرأ في الدعاء المعروف بدعاء كميل : «وكل سيئةٍ أمرت بإثباتها الكرام الكاتبين الذين وكلتهم بحفظ ما يكون مني ، وجعلتهم شهوداً عليّ مع جوارحي ، وكنت أنت الرقيب عَليَّ من ورائهم والشاهد على ما خفي عنهم».
ونختم هذا البحث بذكر حديث للإمام الصادق عليهالسلام ، جاء في الاحتجاج للطبرسي أنّه : سأل رجل الإمام الصادق عليهالسلام : عن علة وجود الملائكة المأمورين بتثبيت الأعمال الصالحة والسيئة ونحن نعلم بأنّ الله (عالم السر والخفيات وما هو اخفى).
فقال الإمام عليهالسلام : «استعبدهم بذلك وجعلهم شهوداً على خلقه ليكون العباد لملازمتهم إيّاهم أشدّ على طاعة الله مواظبةً وعن معصيته أشدّ انقباضاً ، وكم من عبد يهم بمعصيته فذكر مكانهما فارعوى وكفّ ، فيقول ربّي يراني ، وحفظتي عليّ بذلك تشهدُ!» (١).
٤ ـ أقسام كتب الأعمال
كما أشرنا سابقاً ومن خلال الآيات القرآنية أنّ هناك ثلاثة أنواع من كتب الأعمال :
الأول : هو الكتاب الذي يختص بكل إنسان ويعرض جزئيات الأعمال ويعطى باليمين أو بالشمال.
ولقد ورد هذا المعنى في كثير من الآيات التي سبق ذكرها ومن جملتها : (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقَاهُ مَنْشوُراً* إِقْرَأْ كِتابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً). (الاسراء / ١٣)
إنّ تعبير (كُلَّ انْسانٍ) ، وكذلك تعبير (كِتابَكَ) إشارة واضحة إلى كتاب الأعمال الخاص ،
__________________
(١). الاحتجاج ، ج ٢ ، ص ٩٥.