بالرسول صلىاللهعليهوآله مرّ على الجنّة والنّار فرأى كل زمرة من العاصين تعذب بعذاب شبيه بأعمالهم ، كذلك شاهد أعمال الصالحين وهم منعمون برفقة أعمالهم.
وما الأخبار الواردة حول الغيبة وتجسمها على صورة قطعة لحم متعفنة يتناولها المغتاب إلّادليلا آخر على هذا المعنى.
ويمكن أن نستنتج من مجموع الروايات والآيات السابقة أنّ أعمال الإنسان تتجسد في عالم البرزخ والقيامة في صور متناسبة مع العمل ، وأن تعبير : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً). (النساء / ١٠)
يدل على أنّ باطن العمل يتمتع بنوع من الحضور ، فأكل مال اليتيم يكون في بطنه على شكل نار محرقة ومن لم تكن له عين باصرة لا يرى حقيقة هذا الأمر.
من هنا نقول إنّه ليس من الضروري حمل جميع هذه الآيات والروايات على المعنى المجازي والكنائي أو إيجاد تأويل أو تقدير لها مع العلم بأنّه لا يوجد أي مانع من العمل بظواهر مثل هذه الآيات وكما سنبيّن ذلك لاحقاً.
* * *
٢ ـ تجسد الأعمال في منطق العقل
الإشكال الأول الذي يرد على مسألة رؤية وحضور الأعمال ـ كما يتضح من بعض كلمات المرحوم الطبرسي في مجمع البيان ـ هو أنّ العمل من جنس «العرض» لا «الجوهر» فلا يحمل خواص المادة ولا هو مادة بنفسه لذا فهو ينعدم بعد حدوثه.
والإشكال الثاني : هو أنّ العمل يمحى ويزول بعد وجوده ، لذا فإنّنا لا نجد آثاراً من أحاديثنا وأفعالنا الماضية إلّاما أحدثت تغييراً في بعض المواد الموجودة كتحول الحصى والخشب والجص إلى بيت معين ، وهذا ليس بتجسم وإنّما هو تحّول ناشيء من العمل (تأمل).