إنّ هذا الاكتشاف العلمي الكبير أحدث تحولاً واسعاً في مجال البحوث والتجارب العلمية التي أثبتت وحدة العالم أكثر فأكثر.
إنّ هذا المبدأ في مسألة المعاد وبحث تجسّم الأعمال ودفع الإشكالات التي كان الأقدمون يطرحونها حول هذه المسألة كان له أكبر الأثر في ازالة موانع إثبات تجسّم الأعمال.
* * *
٣ ـ تجسد اخلاق وسجايا الإنسان
يستفاد من الروايات الإسلامية إضافة إلى مسألة تجسّم الأعمال أنّ أخلاق الإنسان تتجسّد أيضاً في ذلك اليوم على صورة إنسان.
وعلى هذا الأساس فإنّ الناس يردون المحشر على صور مختلفة بما يتناسب مع أخلاقهم وطباعهم ، فالذين لهم قلوب مملوءة بنور الإيمان تظهر وجوههم بيضاء ونورانية منيرة ، وبعكس ذلك القلوب المظلمة الذين كانوا يعيشون في ظلمات الكفر فإنّ وجوههم سوف تكون مسووة وكالحة ، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بالقول : (يَومَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكفُرُونَ* وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِى رَحْمَةِ اللهِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ). (آل عمران / ١٠٦ ـ ١٠٧)
وقال تعالى في موضع آخر فيما يتعلق بعاقبة المذنبين والظلمة : (كَأَنَّمَا اغْشِيَتْ وُجُوهُهُم قِطَعاً مِّنَ اللَّيْلِ مُظلِماً). (يونس / ٢٧)
نعم ، إنّ ذلك اليوم هو يوم ظهور وتجسد الأعمال ، فتبرز كل الأخلاق والطباع الداخلية والملكات النفسية ويصطبغ جميع جسد الإنسان بلونها الخاص كما قال الشاعر الفارسي :
كُلُّما يستوطنُ القَلبَ ، لهُ |
|
هيئَةٌ يومَ انبعاث البَشَرِ |
والذي كنتَ عليهِ عاكِفاً |
|
فَيهِ تُحُشَرُ يومَ المَحشَرِ |