قال : (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ) : يقول : يفتيكم فيهنّ وفي المستضعفين من الولدان ألّا تأكلوا أموالهم.
وقال بعضهم : [وكانوا لا يورّثون الصغير وإنّما] (١) كانوا يورّثون من يحترف وينفع ويدفع.
وقال الكلبيّ : كانوا لا يعطون الميراث إلّا من قاتل الأقوام ، وحاز الغنيمة ، وكانوا لا يورّثون الجارية ، وكانوا يرون ذلك في دينهم حسنا. فلمّا أنزل الله فرائض الميراث وجدوا من ذلك وجدا شديدا فقال عيينة بن حصن لرهط من قومه : انطلقوا بنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم نذكر له ، فلعلّه يدعه إلى غيره. فأتوه فقالوا : يا رسول الله : أتعطى الجارية نصف ما ترك أبوها وأخوها ، ويعطى الصبيّ الميراث كلّه ، وتعطى المرأة الربع والثمن ، وليس من هؤلاء من يركب الفرس أو يحوز الغنيمة أو يقاتل أحدا؟ قال : نعم ، بذلك أمرت (٢).
قوله : (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ) : أى بالعدل. وهو تبع للكلام الأوّل : (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ) ، وفي (يَتامَى النِّساءِ) ، وفي (الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ) ، وفي (أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ). وكانوا يفسدون أموال اليتامى وينفقونها ، فأمرهم الله أن يصلحوا أموالهم. قال : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) (١٢٧).
قوله : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها) : أى علمت من زوجها (نُشُوزاً) : يعني بغضا. (أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) : قال بعضهم : هي المرأة تكون عند الرجل فتكبر فلا تلد ، فيريد أن يتزوّج عليها أشبّ منها ، ويؤثرها على الكبيرة ، فيقول لها : إن رضيت أن أوثرها عليك وإلّا طلّقتك ؛ أو يعطيها من ماله على أن ترضى أن يؤثر عليها الشابّة ؛ وهو قوله : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) أى لا حرج على الزوج وامرأته أن يصلحا بينهما صلحا ، والصلح خير من غيره.
قوله : (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) : قال بعضهم : يعني الحرص على المال ، فترضى
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٧٤.
(٢) لم أجد فيما بين يديّ من المصادر هذا الخبر الخاصّ بعيينة بن حصن وقومه وجواب الرسول إيّاهم. ولعلّه ممّا انفرد بروايته ابن سلّام ، وإن كانت الروايات متضافرة في هذا المعنى ، انظر مثلا : تفسير الطبريّ ، ج ٩ ص ٢٥٣ ـ ٢٥٧.