وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) (١٣٦).
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) (١٣٧) : هم أهل الكتابين.
ذكر بعضهم قال : آمن أهل التوراة بالتوراة ، وآمن أهل الإنجيل بالإنجيل ، ثمّ كفروا بهما ، يعني ما حرّفوا منهما ، ثمّ ازدادوا كلّهم كفرا ، أى : بالقرآن. (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) قال الحسن : يعني من مات منهم على كفره ، (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) : أى سبيل الهدى ، يعني عامّتهم ؛ وقد أسلم الخاصّة منهم. وقال بعضهم : (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) : أى طريق هدى ، وقد كفروا بكتاب الله.
قوله : (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١٣٨) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) : كانوا يتولّون اليهود وقد أظهروا الإيمان وأجابوا إليه. (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ) : أى أيريدون بهم العزّة (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (١٣٩).
قوله : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ) : من أهل الإقرار (وَالْكافِرِينَ) : من أهل الإقرار والكافرين من أهل الإنكار (فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (١٤٠).
قال الكلبيّ : نهي المؤمنون أن يجالسوا المنافقين والكفّار إذا سمعوهم يستهزئون بشيء من كتاب الله ويعيبونه. وأمّا قوله : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) فيعني ما أنزل في سورة الأنعام بمكّة قبل الهجرة : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) [الأنعام : ٦٨] وكان ذلك قبل أن يؤمر بقتال مشركي العرب ثمّ أمر بقتالهم. فأمّا المنافقون الذين أظهروا الإيمان ، واليهود إذا أدّوا الجزية ، فلا يقاتلون.
قوله : (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ) : يعني المنافقين ؛ كانوا يتربّصون برسول الله صلىاللهعليهوسلم وبالمؤمنين. (فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ) : أى نصر وغنيمة (قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ) : أى نكبة على المؤمنين (قالُوا) للكافرين (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) : أى : ألم نغلب عليكم (١) بمودّتنا إيّاكم (وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : يقولون : إنّهم آمنوا
__________________
(١) كذا في د وع : «ألم نغلب عليكم» وهو الصحيح ، كما ورد في مجاز أبي عبيدة ، ج ١ ص ١٤١. وفي ز ورقة ـ