بمحمّد ، وكنّا لكم عيونا ، نأتيكم بأخبارهم ، ونعينكم عليهم ؛ وكان ذلك في السّرّ.
قال الله : (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : فيجعل المؤمنين في الجنّة ويجعل الكافرين في النار. (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (١٤١) : أى حجّة في الآخرة ؛ وقد تكون في الدنيا الدولة للكافرين ؛ وربّما ابتلي المؤمنون.
قوله : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ) : بكونهم (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) [البقرة : ١٤](وَهُوَ خادِعُهُمْ).
قوله : (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ) : بصلاتهم ليظنّوا أنّهم مؤمنون ، وليسوا بمؤمنين (وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) (١٤٢) : أى : التوحيد الذي قبلهم. وقال الحسن : إنّما قلّ لأنّه لغير الله.
قوله : (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) : لا إلى المؤمنين ولا إلى المشركين. وقال بعضهم : ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا بمصرّحين بالشرك (١).
ذكروا عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين ، تعير إلى هذه مرّة وتعير إلى هذه مرّة ، لا تدري أيّهما تتّبع (٢).
وذكر بعضهم أنّ نبيّ الله كان يضرب مثلا للمؤمن والكافر كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر ، فوقع المؤمن فقطع ، ثمّ وقع المنافق ، حتّى إذا كاد أن يصل إلى المؤمن ناداه الكافر : هلمّ إليّ فإنّني أخشى عليك ، وناداه المؤمن : هلمّ إليّ فإنّ عندي وعندي ، يحصي له ما عنده. فما زال المنافق يتردّد حتّى أتى عليه آذيّ (٣) فغرّقه. وإنّ المنافق لم يزل في شبهة وشكّ حتّى أتى عليه الموت (٤).
__________________
ـ ٧٥ : «(أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) أى : ندين (كذا) بدينكم ، (وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)».
(١) كذا في ع ود : «ولا بمصرّحين بالشرك». وفي ز ورقة ٧٦ : «ولا بمشركين مصرّحين» ، وهذا موافق لما جاء في تفسير الطبري ، ج ٩ ص ٣٣٤ : «ولا مشركين مصرّحين بالشرك». والقول لقتادة.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم (رقم ٢٧٨٤). وأخرجه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ١ ص ٣٣٣ ، كلّهم يرويه من حديث ابن عمر.
(٣) الآذىّ ، بمدّ الهمزة وتشديد الياء : الموج الشديد.
(٤) رواه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ٩ ص ٣٣٤ عن قتادة مرسلا.