رسول الله ذكرن ذلك له ، فغضب وبعث إليهم فقال : ألم أحدّث عنكم بكذا وكذا؟ قالوا : بلى] (١) قال : لكنّي أنا أصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وأغشى النساء وأدع ، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي (٢). فاستغفر القوم من ذلك وراجعوا أمرهم الأوّل. وفي تفسير عمرو عن الحسن : (لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا) فإنّ ذلك اعتداء.
قوله : (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (٨٨) : قال بعضهم : ذكر لنا أنّ رجالا من أصحاب النبيّ عليهالسلام رفضوا النساء واللحم وأرادوا أن يتّخذوا صوامع. فلمّا بلغ ذلك نبيّ الله قال : ليس في ديني ترك النساء واللحم ولا اتّخاذ الصوامع (٣).
قوله : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) : ذكروا عن جعفر بن أبي وحشيّة قال : قلت لسعيد بن جبير : قول الله : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) أهو الرجل يحلف على الشيء وهو يرى أنّه كذلك فلا يكون كذلك؟ قال : لا ، ولكنّه تحريمك ما أحلّ الله لك في يمينك ، فذلك الذي لا يؤاخذك الله بتركه. وقال الحسن وغيره : هو الشيء يحلف عليه الرجل وهو يرى أنّه كذلك فلا يكون كذلك (٤). ذكروا عن عطاء أنّه قال : دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة فسألناها عن هذه الآية فقالت : هو قول الرجل : لا والله ، وبلى والله (٥).
(وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) : أى : ما حلفتم فيه متعمّدين. وقال بعضهم : ما تعمّدت فيه المأثم فعليك فيه الكفّارة.
__________________
(١) ما بين المعقوفين تفصيل للقصّة رأيت من المفيد إثباته كما ورد في مخطوطة ز ، ورقة ٨٦ للإيضاح ، واقرأ هذه القصّة بتفصيل أكثر ، وهي تتعلّق بالحولاء ، امرأة عثمان بن مظعون ، في تفسير الطبري ، ج ١٠ ص ٥١٧.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب النكاح ، باب الترغيب في النكاح. وأخرجه مسلم أيضا في كتاب النكاح ، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... (رقم ١٤٠١) ، وهما يرويان عن أنس بن مالك.
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ، ج ١٠ ص ٥١٦ ، عن قتادة مرسلا.
(٤) كذا في ع ود. وفي ز ، ورقة ٨٧ ما يلي : «عن الحسن وقتادة قالا : هو الخطأ غير العمد ؛ وذلك أن تحلف على الشيء وأنت ترى أنّه كذلك فلا يكون كما حنثت عليه».
(٥) أخرجه البخاري في كتاب التفسير ، باب (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.