وكذا ، فإنّه يبدأ بالأوّل فالأوّل.
قوله : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) أى : متتابعة ، وهي في قراءة عبد الله بن مسعود : (ثلاثة أيّام متتابعات).
قال : (ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أى لكي تشكروا نعمة الله.
ذكر بعضهم قال : الأيمان أربعة : يمينان تكفّران ، ويمينان لا تكفّران فأمّا اللتان تكفّران [فهو أن يقول الرجل : والله لا أفعل فيفعل ، أو يقول : والله لأفعلنّ ثمّ لا يفعل ، وأمّا اللتان لا تكفّران] (١) فالرجل يقول : والله ما فعلت وقد فعل ، والرجل يقول : والله قد فعلت ولم يفعل ذلك.
ذكروا عن ابن عبّاس أنّ رجلين تخاصما إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فكلّف المدّعي البيّنة فلم تكن له بيّنة ، فاستحلف المدّعى عليه بالله الذي لا إله إلّا هو ، فحلف بالله الذي لا إله إلّا هو ماله عندي حقّ. فنزل جبريل فقال له : قل له يرد على الرجل حقّه ، وكفّارته شهادته أو معرفته أن لا إله إلّا الله.
قال بعضهم : إنّما تكون الكفّارة في المستقبل إذا حلف أن يفعل أو لا يفعل ؛ فإذا أخبر عمّا مضى فليس عليه كفّارة ، وإن كان لم يتعمّد فليس عليه فيه مأثم ، فإن تعمّد الكذب فهو آثم ، وليس على واحد منهما كفّارة ، ولكن يستغفر الله ولا يعود.
وذكروا عن الحسن في الرجل يقول للرجل : والله لتفعلن ، ويقول الآخر : والله لا أفعل فلا يفعل ، فليس على أحد منهما كفّارة ؛ يقول : إنّما تكون الكفّارة عليه إذا حلف على نفسه ، وأمّا إذا حلف على غيره فلا كفّارة. وليس ينبغي أن يحلف على الغير (٢) أن يفعل أو لا يفعل حتّى يقول : إن شاء الله ؛ وهو قوله : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [الكهف : ٢٣ ـ ٢٤] أى : تقول : إن شاء الله.
__________________
(١) سقط ما بين القوسين المعقوفين من ع ود ، والسياق والمعنى يقتضيانه. والتصحيح من تفسير القرطبي ، ج ٦ ص ٢٦٥ مع تفصيل يراجع هناك.
(٢) كذا في ع : «على الغير» وما سبق من سياق الكلام يؤيّده. وفي د : «على الغيب» وله وجه أيضا ، وإيراد الآية بعده يؤيّده لأنّ الغد غيب.