وكان بعضهم يقول : إذا استثنى في اليمين قبل أن يتكلّم بينهما بشيء فله ثنياه (١).
ذكروا عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن استثنى فله ثنياه (٢).
وقال بعضهم : ليس الاستثناء بشيء حتّى يجهر باليمين.
وسئل بعضهم عن الرجل يحلف على الشيء الواحد فقال : كفّارة واحدة. وكان الحسن يقول ذلك. وقال أبو عبيدة : إن جمع فكفّارة واحدة وإن فرّق فلكلّ يمين كفّارة.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٩٠) : أمّا الميسر فهو القمار كلّه. والأنصاب : هي أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله. والأزلام : القداح ، وهي السهام. كان أحدهم إذا أراد سفرا أخذ قدحين فقال : هذا يأمرني بالخروج ، وهذا يأمرني بالمقام ، مكتوب عليهما هذا. والمنيح بينهما ؛ فأيّهما خرج عمل به. وأمّا ذكر الخمر في هذه الآية ففيها نزل تحريم الخمر ، وقد فسّرناه في سورة البقرة (٣).
قوله : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) : كانوا إذا شربوا الخمر فسكروا عدا بعضهم على بعض ، فكانوا يتقامرون حتّى لا يبقى لأحدهم شيء. فكان يورث ذلك بينهم عداوة. وقال بعضهم : الميسر القمار كلّه. قال : وذكر لنا أنّ نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم نهى عن اللعب بالكعبين ، وقال : هو ميسر العجم (٤).
وكان الرجل في الجاهليّة يقامر على عزّ ماله وأهله ، فيقعد حزينا سليبا ينظر إلى ماله في يد غيره ، فكانت تورث بينهم عداوة ، فنهى الله عن ذلك.
__________________
(١) جاء في ع : «قبل أن يتكلّم قبلها بشيء». وفي د : «قبل أن يتكلّم بينهما بشيء». هذه العبارة الأخيرة أولى بالصواب أى : بين الاستثناء واليمين ، وصورته ما ورد في الصحيحين عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّي والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلّا أتيت الذي هو خير وكفّرت عن يميني».
(٢) أخرجه ابن ماجه في الكفّارات ، باب الاستثناء في اليمين (رقم ٢١٠٤) عن أبي هريرة بلفظ : «من حلف فقال : إن شاء الله فله ثنياه».
(٣) انظر ما سلف من هذا الجزء تفسير الآية ٢١٩ من سورة البقرة.
(٤) أخرجه أحمد والبيهقيّ عن ابن مسعود بلفظ : «إيّاكم وهذه الكعاب الموسومة التي تزجر زجرا فإنّها ميسر العجم».