وقال بعضهم : ذكر لنا أنّ رجلا عاد فبعث الله عليه نارا فأكلته. قوله : (وَاللهُ عَزِيزٌ) : قال : عزيز في نقمته (ذُو انْتِقامٍ) (٩٥).
قوله : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) : ذكر عمرو عن الحسن أنّه كان لا يرى بأسا أن يصيد المحرم الحيتان. وسئل الزهريّ عن ذلك فقال : لا بأس به. قوله : (وَطَعامُهُ) : يعني بطعامه ما قذف (١). وكان ابن عمر يقول ذلك.
قوله : (مَتاعاً لَكُمْ) : أى بلاغا لكم (وَلِلسَّيَّارَةِ) : أى للمسافرين. قال بعضهم : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) هو السمك المملوح الذي يتزوّده الناس لأسفارهم.
قوله : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٩٦).
ذكروا عن أبي هريرة أنّه قال : استفتاني قوم بالبحرين على لحم صيد صاده حلال ، أيأكله المحرم؟ فأفتيتهم بأكله ، فبلغ ذلك عمر بن الخطّاب ، فلمّا قدمت قال لي : ما أفتيت به القوم؟ فأخبرته ، فقال : لو أفتيت بغير هذا لأوجعتك ضربا ؛ وقال : إنّما يحرم عليك صيده ، أى : أن تصيده (٢). ذكروا أنّ عثمان بن عفّان لّما نزل بقديد (٣) أوتي بالحجل فى الجفان ، فقال : كلوا ، ولم يأكل وقال : لولا أنّي أظنّ أنّه صيد من أجلي أو أميت من أجلي لأكلته.
ذكروا عن جابر بن عبد الله أنّه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : صيد البرّ لكم حلال إلّا ما صدتم أو صيد لكم. يعني في الإحرام (٤).
__________________
(١) اختلف العلماء في المقصود ب «طعامه». والجمهور على أنّه الحوت الذي قذفه البحر إلى الساحل ميّتا. وذهب جابر بن زيد والسديّ وسعيد بن جبير إلى أنّ طعام البحر إنّما هو الحوت المليح. وقد روى عمرو بن دينار عن جابر بن زيد قال : «كنّا نحدّث أنّ طعامه مليحه ، ويكره الطافي منه». وذكر أبو الحواري في كتابه تفسير خمسمائة آية ص ٨٠ أنّ المقصود بطعامه في الآية «السمك المالح». انظر تفصيل هذا الاختلاف وترجيح الطبري في تفسيره ، ج ١١ ص ٦٥ ـ ٧١.
(٢) نسب مثل هذا الخبر إلى عبد الله بن عمر. انظر محمّد رواس قلعة جي ، موسوعة فقه عبد الله بن عمر ، ص ٨٣. وانظر الطبري ج ١١ ص ٩٧.
(٣) قديد ، بالتصغير ، موضع بالحجاز قرب مكّة في الطريق إلى المدينة.
(٤) حديث صحيح رواه أحمد والنسائي ، ورواه أبو داود في المناسك ، باب لحم الصيد للمحرم عن جابر بن ـ