قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٢٢) : يعني أوثانهم الذين يزعمون أنّها تقرّبهم إلى الله زلفى ، أى قربة. ذلك في أمر دنياهم ليصلحها لهم ، ولا يقرّون بالبعث.
قوله : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ) : قال مجاهد وغيره : معذرتهم. وقال الكلبيّ : معذرتهم وحجّتهم (إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٢٣) : قال مجاهد : قالوا ذلك حين خلدوا في النار.
قال : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) : قال الحسن : جحدوا أنّهم لم يكونوا في الدنيا مشركين. وقال بعضهم : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) باعتذارهم بالكذب والباطل (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢٤) : أى يشركون.
وقال الحسن : (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أى : الأوثان التي عبدوها ضلّت عنهم فلم تغن عنهم شيئا. وقال مجاهد : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) : بتكذيب الله إيّاهم.
قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) : أى غلفا (١) (أَنْ يَفْقَهُوهُ) : أى لئلّا يفقهوه (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) : أى صمما عن الهدى.
(وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ) : يعني ما سألوا النبيّ عليهالسلام من الآيات (لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ) : ومجادلتهم أن (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٥) : أى كذب الأوّلين وباطلهم ، يعنون القرآن.
وقال الكلبيّ : كان النضر بن الحارث أخو بني عبد الدار كثير الأحاديث عن الأعاجم. فلمّا حدثهم نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم عن القرون الأولى قال النضر : (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
قوله : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) : ذكروا أنّها نزلت في أبي طالب ؛ كان ينهى عن النبيّ من يؤذيه وينأى عمّا جاء به ، أى يتباعد عنه. وقال الحسن : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ) أى عن [اتّباع] (٢) محمّد (وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) أى ويتباعدون عنه فرارا (وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) : بذلك
__________________
(١) غلفا : بضمّ الغين واللام معا ، جمع غلاف. والأكنّة جمع كنان ، وهو الغطاء.
(٢) زيادة لا بدّ بها ، وقد سقطت من د وع ، حتّى يستقيم المعنى ، وهو التأويل الذي اختاره ابن عبّاس ورجّحه الطبري في تفسيره ج ١١ ص ٣١٥.