فأخبره الله أنّهم لا يكذبونك وقد عرفوا أنّك صادق ، (وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ). وهي مثل قوله : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (١٤) [النمل : ١٤].
قوله : (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) : أى سينصرك الله ويظهر دينك كما نصر الرسل الذين كذّبوا من قبلك (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) (٣٤) : أى من أخبار المرسلين أنّهم قد نصروا بعد الأذى وبعد الشدائد. قال [في آية أخرى] : (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) قال الله : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) (٢١٤) [البقرة : ٢١٤] فأتاهم الله بنصره.
قوله : (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ) : عنك وتكذيبهم إيّاك (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ) : أى سربا فتدخل فيه (أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ) : أى إلى السماء فترقى إليها (فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ) : وهذا حين سألوه الآية. قال : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٣٥) : كقوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) [يونس : ٩٩].
قوله : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) : قال الحسن : إنّما يستجيب لك الذين يسمعون الحجّة فيؤمنون. كقوله : (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) [يس: ١١]. قال بعضهم : المؤمن حيّ ؛ حيّ القلب ، حيّ النظرة ، سمع كتاب الله فعقله (١).
قال : (وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ) : قال الحسن : يعني بالموتى المشركين الصمّ ، بعثهم الله ، يعني كلّ من منّ الله عليهم بالإيمان ممّن كان على الشرك ؛ (يَبْعَثُهُمُ اللهُ) أى يحييهم (٢) من شركهم حتّى يؤمنوا (ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (٣٦) : يوم القيامة.
وقال مجاهد : (الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) هم المؤمنون [يسمعون. الذكر] (٣) (وَالْمَوْتى) هم الكفّار ،
__________________
(١) جاء هذا القول في د وع بعد قوله : (وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ) والصواب إثباته هنا لأنّه تفسير لقوله : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ).
(٢) كذا في ع وز ، ورقة ٩٢ : «يحييهم» ، وفي د : «ينجيهم».
(٣) زيادة من ز ، ورقة ٩٢.