وذكر الحسن أنّ مسيلمة كان قاعدا عند النبيّ ، فلمّا قام قال النبيّ عليهالسلام هذا سقب هلكة لقومه (١).
قوله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) : ذكر بعض أصحاب النبيّ قال (٢) : هذا عند الموت ، يقبضون روحه ويعدونه بالنار ويشدّد عليه ، وإن رأيتم أنّه يهون عليه. ويقبضون روح المؤمن ويعدونه بالجنّة ، ويهون عليه ، وإن رأيتم أنّه يشدّد عليه.
وقال الحسن : هذا في النار ، يقال لهم : أخرجوا أنفسكم إن استطعتم لأنّهم يتمنّون الموت ولا يموتون. كقوله : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) [إبراهيم : ١٧]. قوله : (عَذابَ الْهُونِ) أى : الهوان.
قوله : (بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ) : كقوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) [النحل : ٣٨]. قال : (وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (٩٣) : أى في الدنيا.
قوله : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) : أى خلقنا كلّ إنسان فردا ويأتينا يوم القيامة فردا (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ) : أى ما أعطيناكم من مال وخول (وَراءَ ظُهُورِكُمْ) : أى في الدنيا.
قوله : (وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ) : يعني بالشفعاء ما قال المشركون في آلهتهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] أى في أمر الدنيا ، في صلاحهم فيها ومعايشهم ،
__________________
ـ التي تنبّأت هي أيضا. وأمّا كذّاب صنعاء فهو الأسود بن كعب العنسي ، وعنس رهط عمّار بن ياسر الصحابيّ الجليل. وقد قتل الكذّابان فى حروب الردّة سنة إحدى عشرة للهجرة في عهد أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه.
(١) قصّة لقاء النبيّ بمسيلمة الكذّاب ثابتة في كتب الحديث والتاريخ ، انظر مثلا صحيح البخاري في المغازي ، باب قصّة الأسود العنسيّ وفيه : «بلغنا أنّ مسيلمة الكذّاب قدم المدينة فنزل في دار بنت الحارث ... فأتاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه ثابت بن قيس ...» إلى آخر الحديث. ولكنّني لم أجد فيما بين يديّ من كتب الحديث قول النبيّ عليهالسلام في مسيلمة : «هذا سقب هلكة لقومه».
(٢) ذكره يحيى بن سلّام هكذا : «أخبرني بعض الكوفيّين عمّن حدّثه عن أبي أمامة قال : هذا عند الموت ...».