قوله : (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً) : أى يسكن فيه الخلق (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً) : كقوله (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) (٥) [الرحمن : ٥]. قال الحسن : به تجري. وقال مجاهد : كحسبان الرحا ، وهي أيضا تجري. وقال بعضهم : الحسبان الشيء المعلّق ؛ كقوله : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٣٣) [الأنبياء : ٣٣] والفلك يدور دون السماء ، يجري بها الفلك و (يَسْبَحُونَ) : يدورون. وقال بعضهم : (حُسْباناً) أى ضياء. وقال الكلبيّ : حساب منازل الشمس والقمر ، أى من قبل الحساب ، كلّ يوم بمنزل.
قال : (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٩٦) : أى العزيز في سلطانه ، العليم بخلقه.
قوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٩٧) : يعني التي يهتدى بها منها.
قال بعض السلف (١) : من قال في النجوم شيئا سوى هذه الثلاث فهو كاذب آثم مفتر مبتدع ؛ قال الله : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) [الملك : ٥]. وقال : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) فهي مصابيح ورجوم ويهتدى بها. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أخاف على أمّتي حيف الأئمّة والتكذيب بالقدر والتصديق بالنجوم (٢). ذكروا عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إذا ذكر القدر فأمسكوا ، وإذا ذكر أصحابي فكفّوا ، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا (٣).
قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) : يعني آدم (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) وهي تقرأ على وجهين : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ، فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ. قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) (٩٨) : أى عن الله فيؤمنون.
__________________
ـ ص ٤١٩ : «إنّه حديث منكر ... وإسناده غريب ولا يصحّ رفعه».
(١) هو قتادة. وبوّب البخاري في كتاب بدء الخلق : باب في النجوم ، وذكر قول قتادة هذا ، وفي آخره : «فمن تأوّل فيها بغير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وتكلّف ما لا علم به».
(٢) أخرجه أبو يعلى وابن مردويه والخطيب عن أنس بلفظ : «أخاف على أمّتي خصلتين : تكذيبا بالقدر وتصديقا بالنجوم» ، وفي لفظ : «وحذقا بالنجوم».
(٣) أخرجه الطبرانيّ وأبو نعيم في الحلية والخطيب عن ابن مسعود ، وقد أورد هذين الحديثين السيوطيّ في الدرّ المنثور ، ج ٣ ص ٣٥.