ذكروا عن ابن عبّاس أنّه كان يقرأها (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) فالمستقرّ : الرحم ، والمستودع الصّلب. وكان الحسن يقرأها (فَمُسْتَقَرٌّ) [بكسر القاف](وَمُسْتَوْدَعٌ) ؛ أى مستقرّ من أجله من يوم يولد إلى يوم يموت ، ومستودع في قبره من يوم يوضع فيه إلى يوم يبعث.

وبيان قول ابن عبّاس : المستقرّ الرحم في هذه الآية الأخرى : (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) [الحج : ٥]. وبيان قول الحسن : فمستقرّ في أجله من يوم يولد إلى يوم يموت في هذه الآية الأخرى : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) (٢٤) [الأعراف : ٢٤] أى إلى الموت. وتفسير الحسن أنّ المستقرّ هو المخلوق.

قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) : أى من النبات الذي ينبت. (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً) : أى يركب بعضه بعضا. والحبّ : الزرع (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ) : والقنوان : العذوق (١) ، والدانية في تفسير الحسن : قريب بعضها من بعض ، وفي تفسير الكلبيّ : قريبة من الأرض. وقال بعضهم : (قِنْوانٌ دانِيَةٌ) : عذوق متهدّلة.

وقوله : (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) : يعني العنب (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) : يقول : وأخرجنا الزيتون والرمّان (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) : يقول مشتبها في طعمه ولونه ، وغير متشابه. وقال الكلبيّ : مشتبها في المنظر مختلفا في الطعم. وقال بعضهم : مشتبها ورقه مختلفا ثمره ، ألا تراه يقول : (انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) : يعني حين يكون غضّا (وَيَنْعِهِ) : أى ونضجه في تفسير الحسن وغيره.

قال : (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٩٩) : قال الحسن : فالذي أخرج من هذا الماء هذا النبات وهذا الخضر وهذه الجنّات وهذه الأعناب قادر على أن يحيي الموتى.

قوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ) : يعني الشياطين من الجنّ ؛ لأنّ الشياطين هي التي دعتهم إلى عبادة الأوثان ، ولم تدعهم الأوثان إلى عبادتها ، فأشركوا الجنّ بعبادة الله.

__________________

(١) القنو ويجمع على قنوان ، وهو العذق بكسر العين ويجمع على عذوق. أمّا العذق بفتح العين فهي النخلة بحملها. فالعذق هو الكباسة ، أى : العرجون ، «وأعذقت النخلة إذ كثرت أعذاقها» ، والعذق : القنو من النخل والعنقود من العنب. انظر الزمخشري ، الفائق ج ٢ ص ٤٠٣ ، واللسان : (عذق).