قال : (وَخَلَقَهُمْ) : أى الله خلقهم (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ) : أى جعلوا له بنين وبنات في تفسير الحسن. وقال بعضهم : كذبوا له بنين وبنات. وقالوا : له بنون وبنات. قال الحسن : يعني قوله : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ) [النحل : ٥٧]. قوله : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) : أى أتاهم من الله (سُبْحانَهُ) : ينزّه نفسه عمّا قالوا : (وَتَعالى) : أى من قبل العلوّ والارتفاع ، أى ارتفع (عَمَّا يَصِفُونَ) (١٠٠) : أى عمّا يكذبون.
قوله : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : أى ابتدعها على غير مثال. (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ) : أى كيف (١) يكون له ولد (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٠١).
قال : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (١٠٢) : أى حفيظ لأعمال العباد.
قوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (١٠٣) (٢) : أى اللطيف بخلقه فيما أعطاهم ، الخبير بأعمالهم.
قوله : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) : أى القرآن (فَمَنْ أَبْصَرَ) : أى اهتدى (فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ) : أى عن الهدى (فَعَلَيْها) : أى فعلى نفسه (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) (١٠٤) : أى أحفظ أعمالكم حتّى أجازيكم بها.
قوله : (وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ) : وهي تقرأ على أربعة أوجه :
__________________
(١) وكذا في ع : «كيف». وفي ز ، ورقة ٩٨ : «من أين يكون له ولد». وكلا التأويلين ورد بهما القرآن كما ذكره ابن سلّام في التصاريف ص ١٩٨.
(٢) جاء في ز ، ورقة ٩٨ : «(لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) يعني في الدنيا». ويبدو أنّ الشيخ هود بن محكّم حذف هذه العبارة الأخيرة قصدا ، لأنّها قيد يفيد أنّ الأبصار قد تدرك المولى سبحانه وتعالى في الآخرة. وهذا مخالف لرأي الإباضيّة في رؤية الله. فهم ينفونها في الدنيا والآخرة معا. قال الشيخ أبو محمّد عبد الله السالميّ في منظومته «أنوار العقول» :
ورؤية الباري من المحال |
|
دنيا وأخرى احكم بكل حال |
لأنّ من لازمها التميّزا |
|
والكيف والتبعيض والتحيّزا |
وهذا هو مذهب الإباضيّة من السلف والخلف في المسألة.