يعني الأنصار (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) : أي لذنوبهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٧٤) : أي الجنّة.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ) : أي : من بعد فتح مكّة (وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ) : أي مع النبيّ عليهالسلام والمؤمنين (فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) : أي مؤمنون مثلكم ، ولا هجرة بعد فتح مكّة. قال الحسن : يعني الهجرة التي كانت مع النبيّ عليهالسلام. قال : إلّا أنّ الهجرة إلى الأمصار قائمة إلى يوم القيامة. ذكروا أنّ صفوان بن أميّة وسهيل بن عمرو ورجل آخر قد سمّوه (١) قدموا على النبيّ عليهالسلام المدينة فقال : ما جاء بكم؟ قالوا : إنّا سمعنا أنّه لا يدخل الجنة إلّا من هاجر. فقال : إنّ الهجرة قد انقطعت ، ولكن جهاد ونية حسنة (٢). ثمّ قال : أقسمت عليك أبا وهب ، يعني صفوان بن أميّة ، لترجعنّ إلى أباطح مكّة (٣).
قوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٧٥). ذكروا أنّ أبا بكر الصدّيق قال : إنّ هذه الآية التي ختم الله بها سورة الأنفال : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ ، أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) ممّن جرّت الرحم من العصبة.
ذكروا أنّ مجاهدا قال : هذه الثلاث الآيات في خاتمة الأنفال فيهنّ ذكر ما كان كتب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين مهاجري المسلمين من كانوا وبين الأنصار في الميراث ، ثمّ نسخ ذلك في آخر السورة : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
__________________
(١) ورد ذكره في ز ، ورقة ٢٢٢ ، وهو عكرمة بن أبي جهل.
(٢) رواه الجماعة إلّا ابن ماجه من حديث ابن عبّاس. فقد رواه البخاريّ في كتاب الحجّ ، باب لا يحلّ القتال بمكّة ، ولفظه : «قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم يوم افتتح مكّة : لا هجرة ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا ...».
(٣) روى الطبريّ في تفسيره ، ج ١٤ ص ٨٣ ، «عن ابن عبّاس قال : ترك النبيّ صلىاللهعليهوسلم الناس يوم توفّي على أربع منازل : مؤمن مهاجر ، والأنصار ، وأعرابيّ مؤمن لم يهاجر ... والرابعة التابعون بإحسان». وانظر ترجمة صفوان بن أميّة وقصّته مع الرسول صلىاللهعليهوسلم في الاستيعاب لابن عبد البرّ ، ج ٢ ص ٧١٨ ، وفي سير أعلام النبلاء ، ج ٣ ص ٤٠٥ ـ ٤٠٨.