بعضهم : (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) يقول : إنّ الظلم فيهنّ أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سوى ذلك.
ذكروا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : سيّد الشهور رمضان ، وأعظمها حرمة ذو الحجّة (١)
ذكر الحسن قال : قيل يا رسول الله : أيّ الشهور بعد رمضان أفضل؟ قال : شهر الله الأصمّ : المحرّم.
قوله : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) : أي جميعا كما يقاتلونكم جميعا (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (٣٦) : بالعون لهم والنصر على عدوّهم.
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) قال الحسن : النسيّ من النسيئة وهو التأخير ، كانوا يجعلون هذه الأربعة الأشهر الحرم في عام متوالية فيجعلون ذا القعدة وذا الحجّة والمحرّم وصفر ، فيقولون : قد أنسأنا العام رجبا ، أي أخّرناه فيجعلونها في العام المقبل على منزلتها ، فقال الله : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) يقول : إنساؤهم رجبا ، أي تأخيرهم رجبا وتحريفهم أمر الله ، (زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) أي زيادة في كفرهم (يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ) أي وهم في ذلك يواطئون العدّة فيها ولا ينقصون منها إلّا أنّهم يحلّون ما حرّم الله ورجب ممّا حرّم الله.
قال الكلبيّ : النسيّ هو المحرّم ؛ كانوا يسمّونه صفر الأوّل. وكان الذي يحلّه للناس جنادة بن عوف الكناني (٢) ؛ كان ينادي بالموسم : ألا إنّ صفر الأوّل حلال ، فيحلّه للناس،
__________________
(١) هذا الحديث والذي يليه معناهما واحد في فضيلة شهر الصيام ، ولم أجدهما بهذا اللفظ فيما بين يديّ من مصادر التفسير والحديث. وقريب منهما ما رواه مسلم في كتاب الصيام ، باب فضل صوم المحرّم (رقم ١١٦٣) عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرّم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل».
(٢) قال ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ، ص ٤٩٤ ما يلي : «كان القلمس ، وهو حذيفة بن عبد بن فقيم بن عديّ بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة ، أوّل من نسأ الشهور ، ثمّ ورث ذلك عنه بنوه ، وكان آخرهم أبا ثمامة جنادة بن عوف بن سلمة بن قلع بن عباد بن حذيفة».