تفسير سورة يونس وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : قوله : (الر) : ذكروا أنّ عليّا قال : (الر) و (حم) ، ونون : الرّحمن. وكان الكلبيّ يقول في هذا وأشباهه : هو من الذي قال الله فيه : (وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) [آل عمران : ٧]. وكان الحسن يقول : ما أدري ما تفسير (الر) وأشباه ذلك ، غير أنّ قوما من السلف كانوا يقولون : أسماء السور وفواتحها.
قوله : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) (١) : أي هذه آيات الكتاب الحكيم. أي المحكم (١) ؛ أحكمت آياته بالأمر والنهي.
قوله : (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً) : على الاستفهام (أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ) : يعني محمّدا صلىاللهعليهوسلم ، أي : إنّه ليس بعجب. وقد قال في آية أخرى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) [يوسف : ١٠٩] ؛ ولم يبعث الله رسولا من أهل البادية ، ولا من الجنّ ، ولا من النساء.
قوله : (أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ) : أي عذاب الله في الدنيا والآخرة إن لم يؤمنوا ، كما أهلك قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم حين كذّبوا رسلهم.
وهذا جواب من الله لقول المشركين حيث قالوا : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ ، أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ) ، أي على عبادتها (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ) (٦) [سورة ص : ٦]. وقال في الآية الأخرى : (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) (٥) [سورة ص : ٥]. فقال الله : (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا) أي بأن أوحينا (إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ) يعرفونه ويعرفون نسبه.
قوله : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : أي سلف صدق
__________________
(١) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ، ج ١ ص ٢٧٢ : «والحكيم مجازه : المحكم المبيّن الموضّح ، والعرب قد تضع «فعيل» في معنى «مفعل». وفي آية أخرى : (هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) [سورة ق : ٢٣] مجازه : معدّ».