قوله : (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) (٦٩) : ثمّ انقطع الكلام.
(مَتاعٌ فِي الدُّنْيا) : يقول : وإنّما الدنيا وما هم فيه متاع قليل ينقطع ، متاع يستمتعون به ثمّ يذهب إذا فارقوا الدنيا (ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ) : أي عذاب جهنّم (بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (٧٠).
قوله : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ) : أي خبر نوح (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ) : أي عظم عليكم (مَقامِي) : أي بالدعاء إلى الله عزوجل (وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) : [أي وأجمعوا شركاءكم (١).
وقال بعضهم : وليجمع أوثانكم أيضا أمرهم (٢). قال الحسن ومجاهد : ما في أنفسكم وكيدكم. والعامّة على الوجه الأوّل : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) ، أي : وأجمعوا شركاءكم.
(ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً) : أي في ستر وشبهة ، أي : ليكن ذلك علانية.
قال : (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَ) : أي اجهدوا عليّ جهدكم (وَلا تُنْظِرُونِ) (٧١) : أي طرفة عين ، أي : إنّكم لا تقدرون على ذلك. وذلك حين قالوا : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) (١١٦) [الشعراء : ١١٦] ، وهو كقوله : (فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) (٩) [القمر : ٩] ، أي : ويهدّد بالقتل.
(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) : أي بكفركم (فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) : أي إن ثوابي إلّا على الله (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٧٢) : يقول : فما سألتكم على ما
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٤١.
(٢) هذا على قراءة من قرأ : (واجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) وهي قراءة الحسن التي قال عنها الفرّاء في معاني القرآن ، ج ١ ص ٤٧٣ : «وإنّما الشركاء ههنا آلهتهم ، كأنّه أراد : أجمعوا أمركم أنتم وشركاؤكم ، ولست أشتهيه لخلافه للكتاب ، ولأنّ المعنى فيه ضعيف وإنّ الآلهة لا تعمل ولا تجمع». وانظر ابن جنّي ، المحتسب ، ج ١ ص ٣١٤.