قوله : (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ) : أي لباغ في الأرض ، يبغي عليهم ويتعدّى. (وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) (٨٣) : أي لمن المشركين.
قوله : (وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ) : وقد علم أنّهم قد آمنوا وصدّقوا ، ولكنّه كلام من كلام العرب. تقول : إن كنت كذا فاصنع كذا ، وهو يعلم أنّه كذلك ، ولكنّه يريد أن يعمل بما قال له.
قال : (فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) (٨٤) : أي إن كنتم مؤمنين فامضوا على ما يأمركم به الله.
(فَقالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٨٥).
ذكروا أنّ مجاهدا قال : قالوا : لا تعذّبنا بأيدي قوم فرعون ، ولا بعذاب من عندك ، فيقول فرعون وقومه : لو كان هؤلاء على حقّ ما عذّبوا وما سلّطنا عليهم [فيفتتنوا بنا] (١). (وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (٨٦) : أي من فرعون وقومه.
قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) : قال مجاهد : حين خاف موسى ومن معه من فرعون أن يصلّوا في مساجد ظاهرة (٢) أمروا أن يجعلوا في بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلّون فيها سرّا. وقال الحسن : كانت قبلة النبيّين كلّهم الكعبة ؛ قال بعضهم إلّا ما صلّى النبيّ عليهالسلام إلى بيت المقدس ، ثمّ صرف إلى الكعبة.
وقال الحسن : (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) أي : حين دخل موسى وبنو إسرائيل مصر بعدما أهلك الله فرعون وقومه ، أمروا أن يبنوا بمصر بيوتا ، أي : مساجد مستقبلة القبلة. كقوله : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [النور : ٣٦] يعني المساجد.
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٤١ ، وفي تفسير مجاهد ص ٢٩٦ ، وفي تفسير الطبري ج ١٥ ص ١٧٥.
(٢) كذا في المخطوطات : «في مساجد ظاهرة». وفي ز ، ورقة ١٤٢ : «أن يصلّوا في الكنائس الجامعة». وبهذا اللفظ الأخير جاءت العبارة في تفسيري مجاهد والطبريّ.