ما أَصابَهُمْ) : فقال : لا ، بل أهلكوهم الساعة. قالوا : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) (٨١).
ثمّ مال جبريل بجناحه فطمس أعينهم فباتوا عميانا يستكفون (١) ، فذلك قوله : (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) (٣٧) [القمر : ٣٧].
فلمّا كان السحر خرج لوط وأهله ، ثمّ رفعها جبريل عليهالسلام حتّى سمعت ملائكة سماء الدنيا نباح كلابهم. وذلك قوله : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها).
قال حذيفة : ثمّ قلبها ، ثمّ أتبعها الحجارة. فلمّا سمعت العجوز الهدّة التفتت فأصابها حجر. وقال : فأصابها ما أصاب قومها. فأصاب سفّارهم الحجارة ، وأصاب أرضهم الخسف. وفي تفسير الكلبي أنّ جبريل عليهالسلام استأذن الله في هلاكهم فأذن له ؛ فأتاهم بعدما أصبح ، فأدخل جناحه تحت مدائن لوط ، وهي أربع مدائن ، وقال بعضهم : كانت ثلاث قرى. قال الكلبيّ : ثمّ رفعهم حتّى بلغ السماء ، فسمع أهل السماء أصوات الدجاج والكلاب ، ثمّ قلبها. وأرسل الله الحجارة على من كان خارجا من المدائن.
قال الحسن : ولم يبعث الله نبيّا بعد لوط إلّا في عزّ من قومه ، وقال بعضهم : إلّا في ثروة (٢) من قومه. قوله : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) قال بعضهم : بطائفة من الليل. وكان الحسن يقول : وكانت امرأة لوط منافقة ، تظهر له الإسلام وتخالفه في الأعمال (٣). وكذلك ابن نوح أظهر له الإسلام وخالفه في الأعمال. وقوله : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) أي : يكون هلاكهم حين تشرق الشمس. وكذلك قال في الآية الأخرى التي في الحجر : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) (٧٣) [الحجر : ٧٣] أي : حين أشرقت الشمس.
__________________
(١) في ق وع : «يتعكسون» ، وفي ج ود : «يستكفون» وأثبتّ هذه الأخيرة كأنّ فيها معنى التلمّس بالكفّ فعل الأعمى الذي يريد أن يتعرّف على الأشياء. وانظر اللسان (كفف).
(٢) الثروة هنا بمعنى الكثرة والمنعة ، حسبما شرحها محمّد بن عمرو بن علقمة بن وقّاص الليثي في تفسير الطبريّ ، ج ١٥ ص ٤٢٠. وقد مرّ هذا القول مرفوعا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بعض روايات الطبريّ.
(٣) كذا في المخطوطات الأربع. وفي ز ، ورقة ١٤٩ : «تظهر الإسلام وقلبها على الكفر».