وكان جدّه ، أبو أمّه ، يعبد الأوثان ؛ فقالت له أمّه : يا يوسف ، اذهب فخذ القفّة التي فيها أوثان أبي ، ففعل ، فجاء بها إلى أمّه. فتلك السرقة التي عيّروه بها. قال الحسن : كذبوا عليه ، ولم يكونوا يوم قالوا هذه المقالة أنبياء ، إنّما أعطوا النبوّة بعد ذلك. وقال بعضهم : كان الصنم لجدّه ، أبي أمّه ، وإنّما أراد به الخير (١).
قوله : (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ) : أي : هذه الكلمة.
وفي تفسير بعضهم : أسرّ في نفسه هذا القول : (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً). وهذا من مقادير الكلام ، أي : في الإضمار.
(قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً) : ممّن قلتم له هذا. (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ) (٧٧) : أي إنّه كذب. (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) : يعنون يوسف ، يعنون على الملك (٢). قال الكلبيّ : إنّ يوسف كان العزيز بعد العزيز ، سيّده الذي ملكه. (إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ) : عبدا ، وردّه على أبيه ، فإنّه شيخ كبير. (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٧٨).
(قالَ) : يوسف (مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ) : فنستعبد (إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) : أي على ما قضوا به على أنفسهم حيث (قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) يؤخذ عبدا بتلك السرقة. (إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) (٧٩) : [أي إن أخذنا غير الذي وجدنا متاعنا عنده] (٣).
قوله : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ) أي يئسوا من أن يردّ عليهم أخاهم (خَلَصُوا نَجِيًّا) : أي خلصوا وحدهم نجيّا. جعلوا يتناجون ويتشاورون فيما بينهم في ذلك. (قالَ
__________________
(١) انظر اختلاف المفسّرين في السّرق الذي اتّهم به يوسف ، واقرأ قصّته مع عمّته ، ابنة إسحاق في تفسير الطبريّ ، ج ١٦ ص ١٩٦ ـ ١٩٧ ، وفي زاد المسير لابن الجوزيّ ، ج ٤ ص ٢٦٣ ، فقد أورد ابن الجوزيّ سبعة أقوال في المقصود من هذه السرقة.
(٢) كذا في ق وع ، «يعنون يوسف ، يعنون على الملك». وفي د : «يعنون يوسف عز الملك» ، لعلّ المعنى كان يوسف عزيزا لدى الملك. أي : يا أيّها العزيز على الملك.
(٣) زيادة من تفسير الطبريّ ، ج ١٦ ص ٢٠٣ لإيضاح معنى (إذا).