الهدى ، والمؤمن أبصر الإيمان. (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) : على الاستفهام ، أي : إنّ ذلك لا يستوي.
(أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) : يقول : هل يدّعون أنّ تلك الأوثان خلقت مع الله شيئا ، فلم يدروا أيّ الخالقين يعبدون؟ هل رأوا ذلك؟ وهل يستطيعون أن يحتجّوا به على الله يوم القيامة؟ أي : إنّهم لا يدّعون ذلك ، وإنّهم يعرفون أنّ الله خالق كلّ شيء ، فكيف يعبدون هذه الأوثان من دون الله. وهذا تفسير الحسن.
ثمّ قال الله : (قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (١٦).
وقال مجاهد : (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) فحملهم ذلك على أن شكّوا في الأوثان ، فاتّخذوهم آلهة.
قوله : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) : الكبير بقدره ، والصغير بقدره (فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً) : أي عاليا ، يعني الزبد الذي قد ربا فوق الماء. (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ) : هذه ثلاثة أمثال في مثل واحد ضربها الله للمؤمن والكافر.
فأمّا قوله : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ) فإنّه يعني الذهب والفضّة إذا أذيبا ، فعلا خبثهما ، وهو الزبد ، فخلص خالصهما تحت ذلك الزبد. (او متاع) أي : وابتغاء متاع ، ما يستمتع به ، (زبد مّثله) أي : مثل زبد الماء. والذي يوقد عليه ابتغاء متاع هو الحديد والنحاس والرصاص إذا صفّي ذلك أيضا فخلص خالصه وعلا خبثه ، وهو زبده (١). قال الله : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ). قال : (فَأَمَّا الزَّبَدُ) : زبد الماء وزبد الحلي وزبد الحديد والنحاس والرصاص (فَيَذْهَبُ جُفاءً) : أي باطلا لا ينتفع به ، وهذا مثل عمل الكافر لا ينتفع به في الآخرة (وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) : أي فينتفع
__________________
(١) في تفصيل هذه الأمثال وردت بعض الأخطاء في المخطوطات أثبتّ صحّتها من ز ، ورقة ١٦١. ففي بعضها وردت كلمة الصفر ، بدل كلمة الحديد ، وفي بعضها «فخلص وخلص خالصه».