حسنها ، ذلّلن من غير مهانة ، نجب من غير رياضة ، عليها رحائل الذهب ، وكسوتها سندس وإستبرق ، حتّى تدفع إليهم ، ثمّ يسلّمون عليهم ويقولون : إنّ ربّكم بعث إليكم بهذه الرواحل لتركبوها وتتفسّحوا في الجنّة ، وتنظروا إلى ما أعدّ الله لكم ممّا لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب أحد مثله. قال : ويتحوّل كلّ رجل منهم على راحلته ، ثمّ يسيرون صفّا في الجنّة ؛ الرجل منهم إلى جنب أخيه ، لا تجاوز أذن ناقة منها أذن صاحبتها ، ولا ركبة ناقة منها ركبة صاحبتها. وإنّهم ليمرّون بالشجرة من شجر الجنّة فتتأخّر من مكانها ، فيرسل إليهم ربّهم الملائكة بالسلام ؛ فيقولون : ربّنا أنت السّلام ، ومن عندك السّلام ، ولك حقّ الجلال والإكرام ، فيقول لهم : وعليكم السّلام منّي ، وعليكم رحمتي ومحبّتي. مرحبا بعبادي الذين أطاعوني بالغيب ، وحفظوا وصيّتي. فيقولون : لا وعزّتك ، ما قدرناك حقّ قدرك ، وما أدّينا إليك كلّ حقّك ، ايذن لنا يا ربّنا أن نسجد لك. فيقول : وعزّتي وجلالي إنّي وضعت عنكم مؤونة العبادة ، وقد أفضيتم إلى كرامتي ، وبلغ الموعد الذي وعدتكم ، تمنّوا ، فإنّ لكلّ إنسان منكم ما تمنّى ... وقد بقي من هذا الحديث شيء كثير ، وهو في أحاديث الجنّة.
قوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً) : وهي لا إله إلّا الله (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) : وهي النخلة ، وهي مثل المؤمن (أَصْلُها ثابِتٌ) : أي في الأرض (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) (٢٤) : يعني طولها ، وفرعها هو رأسها الذي تكون فيه الثمرة (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) : أي : بأمر ربّها.
قال بعضهم : كلّ ستّة أشهر.
وقال بعضهم : هي النخلة تؤتي أكلها كلّ حين. والحين : ما بين السنة إلى السنة وهي تؤكل شتاء وصيفا يعني الطلع والبلح والبسر والرطب والتمر ، وهي مثل عمل المؤمن هو في الأرض وعمله يصعد إلى السماء ، وهو ثابت يجازى به.