وقال الحسن : إنّ المؤمن لا يزال من كلام طيّب وعمل صالح ، كما تؤتي هذه الشجرة أكلها ، أي : ثمرتها ، كلّ حين. (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (٢٥) : أي لكي يذّكّروا.
وبلغنا عن ابن عبّاس أنّه قال : الحين غدوة والحين عشيّة ، وقرأ هذه الآية : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) (١٧) [الروم : ١٧]. وقال مجاهد : (كلّ حين) : كلّ سنة (١).
ذكروا عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ((إنّ من الشجر شجرة لا يسقط ورقها ، وإنّها مثل المؤمن ، فأيّ شجرة هي؟)) قالوا : الله ورسوله أعلم. قال ابن عمر : فوقع في نفسي أنّها النخلة. وكنت غلاما أصغر القوم ؛ فسكتّ. فقال رسول الله : ((هي النخلة)) (٢).
قوله : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) : أي الشرك والنفاق (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) : أي مرّة ، يعني الحنظلة (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) : [أي : قطعت من أعلى الأرض] (٣) (ما لَها مِنْ قَرارٍ) (٢٦) : أي ليس لأصلها ثبات في الأرض. فالريح تصرفها ؛ كذلك مثل عمل الكافر ، ليس لعمله الحسن أصل ثابت يجزى به في الآخرة.
ذكر أبو موسى الأشعريّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن
__________________
(١) اختلف المفسّرون اختلافا كثيرا في المقصود بالحين هنا ؛ فذهب بعضهم إلى أنّ الحين : هو كل وقت ، وذهب أبو عبيدة وغيره أنّه : ستّة أشهر. ورجّح ابن جرير الطبريّ قول من قال : «عنى بالحين ، في هذا الموضع غدوة ، وعشيّة وكلّ ساعة» ويبدو لي ، والله أعلم ، أنّ قول من قال : إنّ (كلّ حين) في هذه الآية يعني كلّ سنة ، أقرب إلى الصواب ؛ فإنّ من النخيل ما لا يؤتي أكله كلّ سنة. فإذا كانت النخلة تؤتي أكلها كلّ سنة بانتظام فهي من خيار النخل.
(٢) حديث متّفق عليه ، أخرجه البخاريّ في كتاب العلم ، باب قول المحدّث حدّثنا أو أخبرنا. وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ، باب مثل المؤمن كمثل النخلة (رقم ٢١٦٥٤). وأخرجه أحمد والترمذيّ وغيرهم.
(٣) زيادة من ز ، ورقة ١٦٥.