ارفض ما أصابت منه ، قال : فيصيح عند ذلك صيحة يسمعها كلّ شيء إلّا الثقلين. قال : فهو قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (١).
قال : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (٢٧).
ذكر جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ((إنّ هذه الأمّة تبتلى في قبورها)).
إذا أدخل المؤمن قبره وتولّى عنه أصحابه جاءه ملك شديد الانتهار ، فيقول له : ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول : إنّه رسول الله وعبده. فيقول : انظر إلى مقعدك الذي كان لك من النار ، قد أعاذك الله منه ، وأبدلت بمقعدك الذي ترى من النار مقعدك الذي ترى من الجنّة ، فيراهما كليهما ، فيقول المؤمن : دعوني أبشّر أهلي ، فيقال له : اسكن. وأمّا المنافق فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول : لا أدري ، أقول ما يقول الناس ، فيقال له : لا دريت ، هذا مقعدك الذي كان لك من الجنّة قد أبدلت مكانه مقعدك من النار.
قال جابر : سمعت النبيّ صلىاللهعليهوسلم يقول : ((يبعث كلّ عبد في القبر على ما مات عليه ؛ المؤمن على إيمانه ، والمنافق على نفاقه)) (٢).
ذكر البراء بن عازب أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم تبع جنازة رجل من الأنصار ، فلمّا انتهى إلى قبره وجده لم يلحد. فجلس وجلسنا حوله كأنّما على رؤوسنا الطير ، وبيده عود ينكث به الأرض ، ثمّ رفع رأسه فقال : ((اللهمّ إنّي أعوذ بك من عذاب القبر)) (٣). قالها ثلاثا.
__________________
(١) هذا خلاصة للحديثين الصحيحين الآتيين.
(٢) أخرجه أحمد وابن أبي الدنيا والطبرانيّ في الأوسط والبيهقيّ ، عن جابر بن عبد الله. وأحاديث عذاب القبر وابتلاء المؤمن والكافر فيه ثابتة صحيحة. وقد روي من طرق متعدّدة رواها جمع من الصحابة. انظر في هذا الموضوع : الدر المنثور للسيوطيّ ، ج ٤ ص ٧٨ ـ ٨٤ تجد أغلب ما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم مرفوعا وموقوفا. أعاذنا الله وإيّاك من عذاب القبر ومن سوء المصير.
(٣) هذا جزء من حديث صحيح متّفق عليه ، أخرجه البخاريّ في كتاب الصلاة ، باب الدعاء قبل السّلام ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب ما يستعاذ منه في الصلاة ، عن عائشة (رقم ٥٨٩) وعن أبي هريرة (رقم ٥٨٨). وجاءت رواية أبي هريرة بهذا اللفظ : «اللهمّ إنّي أعوذ بك من ـ