الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٣٤) : أي ظلوم لنفسه ، كفّار بنعم ربّه [حين أشرك] (١) وقد أجرى عليه هذه النعم.
قوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) : يعني مكّة (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) (٣٥) : يعني المؤمنين منهم ، كقوله : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) [البقرة : ١٢٨]. (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ) : يعني الأصنام أضللن (كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) : يقول : ضلّ المشركون بعبادتها من غير أن تكون هي التي دعت إلى عبادة أنفسها. (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي) : فعبد الأوثان ثمّ تاب إليك بعد ذلك (فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٦).
(رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) : يعني إسماعيل (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) : أي إنّما أسكنتهم مكّة ليعبدوك (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً) : أي قلوبا (مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) : أي تنزع إليهم (وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (٣٧) : أي لكي يشكروا نعمك. ذكر عن ابن عبّاس أنّه قال : لو كان قال : فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لحجّه اليهود والنصارى وكلّ أحد. ولكنّه قال : (افئدة مّن النّاس تهوي إليهم).
قوله : (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) : تفسير ابن عبّاس أنّ إبراهيم جاء بهاجر وإسماعيل حتّى وضعهما بمكّة ، ثمّ رجع. فلمّا قفا نادته هاجر : يا إبراهيم ، إنّما أسالك ؛ فالتفت ، فقالت له : من أمرك أن تضعني بأرض ليس بها زرع ولا ضرع ولا أنيس؟ قال : ربّي. قالت : إذا لا يضيّعنا. فلمّا ولّى إبراهيم قال : (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) أي : من الحزن. (وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (٣٨).
قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) (٣٩) : وقد دعا في هذه الآية الأخرى : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (١٠).
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٦٦.