تفسير سورة الحجر
وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : قوله : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) (١) : قد فسّرناه في غير هذا الموضع (١).
قوله : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) (٢) (٢) : هو كقوله : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) [المؤمنون : ٩٩ ـ ١٠٠] ، وكقوله : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢٧) [الأنعام : ٢٧] ، وكقوله : (يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) (٦٦) [الأحزاب : ٦٦]. وذلك لما رأوا من كرامة الله للمؤمنين وثوابه إيّاهم ، فتمنّوا أن لو كانوا مسلمين ومؤمنين لينالوا ما نال المسلمون من ثواب الله وجزيل عطائه.
وقد تأوّلت الفرقة الشاكّة هذه الآية على غير تأويلها ، وردّت على الله تنزيله ، فقالوا : هم قوم من أهل التوحيد يدخلون النار ، فيعيّرهم أهل النار ، ويقولون : قد كان هؤلاء
__________________
(١) يشير إلى تفسير الحروف المقطّعة في أوائل بعض السور. انظر ما سلف ، ج ١ تفسير الآية الأولى من سورة البقرة ، وج ٢ ، تفسير الآية الأولى من سورة يونس.
(٢) قال أبو البركات ابن الأنباري في كتابه : البيان في غريب إعراب القرآن ج ٢ ص ٦٣ : «قرئ (ربّما) و (ربما) بالتشديد والتخفيف. فالتشديد على الأصل ، والتخفيف لكثرة الاستعمال. وهما لغتان جيّدتان». وقد قرأ نافع وعاصم بتخفيف الباء كما ذكره الداني في التيسير ، ص ١٣٥. وقال ابن عصفور في كتابه : الممتع في التصريف ، ج ٢ ص ٦٢٦ ، في باب حذف الباء : «حذفت من ربّ ، فقالوا : (رب) في معناها. قال الشاعر :
أزهير إن يشب القذال فإنّه |
|
رب هيضل لجب لففت بهيضل» |
والبيت لأبي كبير عامر بن الحليس الهذلي ، من قصيدته الرائعة التي مطلعها :
أزهير هل عن شيبة من معدل |
|
أم لا سبيل إلى الشّباب الأوّل |
أم لا سبيل إلى الشباب ، وذكره |
|
أشهى إليّ من الرّحيق السّلسل |
انظر السكّري ، شرح أشعار الهذليّين ، ج ٣ ص ١٠٦٩ ـ ١٠٧٠.