تفسير سورة النّحل
وهي من أوّلها إلى صدر هذه الآية : (والذين هاجروا في الله
من بعد ما ظلموا) [الآية : ٤١] مكّيّة وسائرها مدنيّ (١)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) : قال الحسن : هذا جواب من الله لقول المشركين للنبيّ عليهالسلام : (ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣٢) [الأنفال : ٣٢] ، ولقولهم : (عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) [سورة ص : ١٦]. فقال : (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) [العنكبوت : ٥٤]. وقال : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) أي : إنّ العذاب قريب. وبعضهم يقول : يستعجلونك بعذاب الآخرة ، وذلك منهم تكذيب واستهزاء. فأنزل الله : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ).
قوله : (سُبْحانَهُ) : أي ينزّه نفسه عمّا يقول المشركون (وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١) : من العلوّ ، أي : ارتفع عمّا يشركون به.
قوله : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ) : أي : بالرحمة والوحي (مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ).
ذكروا عن كعب قال : إنّ أقرب الملائكة إلى الله إسرافيل. وإذا أراد الله أمرا أن يوحيه جاء اللوح حتّى يصفق جبهة إسرافيل ، فيرفع رأسه ، فينظر ، فإذا الأمر مكتوب ، فينادي جبريل فيلبّيه ، فيقول : أمرت بكذا ، فلا يهبط جبريل من سماء إلى سماء إلّا فزع أهله مخافة الساعة ، حتّى يقول جبريل : الحقّ من عند الحقّ ، فيهبط على النبيّ عليهالسلام ، فيوحي إليه.
قوله : (أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ) (٢) : أي لا تعبدوا معي إلها آخر.
__________________
(١) ورد هذا التفصيل بين ما هو مكيّ وما هو مدنيّ من هذه السورة في كلّ من ج ، ود ، وز ، ورقة ١٧١ ، وسقط من ق.