أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (٥) : قال بعضهم : لم يكن لهم هجّيرى (١) حين جاءهم العذاب (إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (٥). كقوله في سورة الأنبياء : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً) ، أي مشركة ، يعني أهلها ، إلى قوله : (... يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (١٤) فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ) [سورة الأنبياء : ١١ ـ ١٥] أي لم يكن لهم هجّيرى إلّا أن (قالوا يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين). قال : الهجّيرى : الذي يلزمه الرجل يردّده.
ذكروا عن الحسن أنّه كانت هجيراه : سبحان الله العظيم ، سبحان الله وبحمده. وكانت هجّيرى بعضهم : (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (٥٣) [الشورى : ٥٣]. يعني بهجّيراهم أنّه لم يكن لهم قول حين جاءهم العذاب (إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (٥).
قال الحسن : (فَما كانَ دَعْواهُمْ) أي ما دعوا به حين جاءهم العذاب إلّا أن (قالوا يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين). فاقرّوا بالظلم على أنفسهم ، ونادوا بالتوبة حين لم تنفعهم التوبة. قال : فهي مثل قوله : (فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) (٣) [سورة ص : ٣] أي ليس حين نزو (٢) ولا فرار. وكقوله : (وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) [سورة سبأ : ٥٢ ـ ٥٣] ، (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ) : أي وأنّى لهم الرّدّ إلى الدنيا ، أي فيؤمنوا ، فهذا تفسير ابن عبّاس. وقال الحسن : التناوش : الإيمان ، أي : وكيف لهم بالإيمان وقد جاءهم العذاب.
قوله : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) (٦) : كقوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) [المائدة : ١٠٩] أي ماذا أجابكم قومكم. (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ) : أي أعمالهم (بِعِلْمٍ) : بها (وَما كُنَّا غائِبِينَ) (٧) : أي عن أعمالهم.
__________________
(١) كذا في ج وفي وع : «هجّيرى» ، وهو الصواب ، وفي د : «لم يكن لهم مخبر» ، وهو تصحيف. وفي اللسان : هجّيراه وإهجيراه ، أي دأبه وديدنه وشأنه وعادته. انظر : اللسان (هجر).
(٢) وردت هذه الكلمة في ق وع هكذا : «برد» ، وفي ج ود : «فروا» ، وهي في كلّها مصحّفة صوابها ما أثبتّه : «نزو» ، وهو ضرب من العدو. وهكذا وردت الكلمة في تفسير ابن كثير ، ج ٦ ص ٤٥. وفي تفسير القرطبي ، ج ١٥ ص ١٤٥. ونسب القول فيهما إلى ابن عبّاس.