تفسير سورة الأنفال ، وهي مدنيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) : والأنفال الغنائم. (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ).
قال الحسن : كانت السريّة تسري ، فينفلهم الرسول ما شاء بعد الخمس.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان ينفل في البدأة الربع ، وفي الرجعة الثلث ؛ فقيل لبعضهم : لم كان يجعل في الرجعة أكثر؟ قال : لأنّهم إذا رجعوا كانوا أشدّ لخوفهم.
ذكروا أنّ أبا إدريس [قال] (١) : إنّ الناس كانوا معسكرين ؛ فأتاهم أبو عبيدة بن الجرّاح حتّى بلغ حبيب بن مسلمة أنّ علجا من الروم يقال له بن (٢) توجّه نحو أرمينية ؛ لمطلبه فأدركه ، فقتله وأخذ سلبه. فوجد معه وقر خمسة أبغال ديباج ولؤلؤ من أصناف المتاع. فلمّا رجع قال له أبو عبيدة : أرنا ما جئت به. فقال : إنّما هو لي ، وأنا قتلته ، ولي سلبه. فقال له أبو عبيدة : ليس كذلك ، إنّما لك ما أعطيتك منه وطابت به نفسي. فقال :
أناشدك الله أن تظلمني وأن تأخذ منّي ما أعطاني الله ، حتّى ارتفعت أصواتهما. فسمعهما معاذ بن جبل ، فجاء فقال : يا حبيب بن مسلمة ، لا تسأل ما ليس لك. فقال حبيب : أليس يقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من قتل قتيلا فله سلبه؟ (٣) فقال : إنّما قال ذلك في غزوة واحدة عام
__________________
(١) زيادة لا بدّ منها لتستقيم العبارة.
(٢) كذا في ج ود بياض قدر كلمتين ، وفي ق وع : «فقال له بأني قد توجه» (كذا) ولم أجد فيما بين بديّ من المصادر من روى هذه القصّة حتّى أتبيّن اسم العلج الروميّ ؛ ولعلّها ممّا انفرد بروايتها ابن سلّام ؛ ولم ترد في ز.
(٣) حديث متّفق على صحّته. أخرجه البخاريّ في كتاب الجهاد والسير ، باب من لم يخمس الأسلاب ، ومن قتل قتيلا فله سلبه. وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير ، باب استحقاق القاتل سلب القتيل (رقم : ١٧٥١). وأخرجه الربيع بن حبيب في مسنده في كتاب الجهاد (رقم ٤٦٧). وأخرجه مالك في الموطّأ ، باب ما جاء في السلب في النفل (رقم ٢٤) كلّهم يرويه عن أبي قتادة. ولفظه : «من قتل قتيلا له ـ