ذكر الإمام عليهالسلام في هذا المقطع ما تفضّل عليه الله تعالى من حمايته له من كيد الأعداء وشرورهم الذين حاولوا جاهدين الانتقام منه إلاّ أنّ الله تعالى صرفهم عنه ، فباءوا بالفشل والخزي ، ويستمرّ الإمام عليهالسلام في ذكر خصومه الذين كفاه الله شرّهم قائلا :
اللهمّ وكم من باغ بغاني بمكائده ، ونصب لي شرك مصائده ، وضبا إليّ ضبوء السّبع لطريدته واللّحاق بفريسته ، وهو مظهر بشاشة الملق ، ويبسط إليّ وجها طلقا ، فلمّا رأيت يا إلهي دغل سريرته ، وقبح طويّته ، أنكسته لأمّ رأسه في زبيته ، وأركسته في مهوى حفيرته ، وأنكصته على عقبيه ، ورميته بحجره ، ونكأته بمشقصه ، وخنقته بوتره ، ورددت كيده في نحره ، ووبقته بندامته ، فاستخذل وتضاءل بعد نحوته ، وبخع وانقمع بعد استطالته ذليلا مأسورا في حبائله الّتي كان يحبّ أن يراني فيها ، وقد كدت لو لا رحمتك أن يحلّ بي ما حلّ بساحته ، فالحمد لربّ مقتدر لا ينازع ، ولوليّ ذي أناة لا يعجل ، وقيّوم لا يغفل ، وحليم لا يجهل.
في هذه الكلمات عرض الإمام عليهالسلام إلى ما تفضّل الله عليه من صرف كيد أعدائه عنه ، الذين حاولوا جاهدين على إنزال الكوارث بساحته ، وصبّ المصائب عليه إلاّ أنّ الله تعالى أنجاه منهم ، ويأخذ الإمام في دعائه قائلا :
ناديتك يا إلهي مستجيرا بك ، واثقا بسرعة إجابتك ، متوكّلا على ما لم أزل أعرفه من حسن دفاعك عنّي ، عالما أنّه لن يضطهد من آوى إلى ظلّ كفايتك ، ولا يقرع القوارع من لجأ إلى معقل الانتصار بك ، فخلّصتني يا ربّ بقدرتك ، ونجّيتني من بأسه بتطوّلك ومنّك.