جاءكم بذلك وربّ الكعبة : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة : ١٨٥].
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : والذي نفسي بيده ما اجتمع أمران في الإسلام إلّا كان أحبّهما إلى الله أيسرهما (١).
ذكروا عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : ما عرض لرسول الله أمران إلّا أخذ بأيسرهما ما لم يكن إثما ، وكان أبعد الناس من المآثم.
قوله : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) : أي الله هو سمّاكم المسلمين (٢) (مِنْ قَبْلُ) : أي من قبل هذا القرآن ، أي في الكتب الأولى وفي الذكر. (وَفِي هذا) : القرآن.
قوله : (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ) أي بأنّه قد بلغ (وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) أي على الأمم بأنّ الرسل قد بلّغت قومها.
ذكروا أنّ كعبا قال : إنّ الله أعطى هذه الأمّة ثلاثا لم يعطهنّ قبلهم إلّا نبيّا مرسلا ؛ كان يبعث النبيّ فيقول : أنت شاهدي على أمّتك ، وإنّ الله جعلكم شهداء على الناس. ويبعث النبيّ فيقول : ادعني أستجب لك. وقال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر : ٦٠]. ويبعث النبيّ فيقول : ليس عليك في الدين من حرج ، وقال الله : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).
قوله : (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) : إنّهما فريضتان واجبتان ؛ أمّا الصلاة فالصلوات الخمس يقيمونها على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها. وأمّا الزكاة فقد فسّرناها في أحاديث الزكاة على ما سنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيها (٣).
__________________
(١) أخرجه يحيى بن سلّام هكذا : «أبو أميّة عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ...». ولم أجده بهذا اللفظ فيما بين يديّ من المصادر.
(٢) هذا هو ما ذهب إليه جمهور المفسّرين. وقد ذهب آخرون إلى أنّ الضمير (هو) يعود على (إبراهيم) ونزع بقوله تعالى من سورة البقرة [آية : ١٢٨] : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ). وقد ردّ الطبريّ على هذا الرأي الأخير ، واحتجّ لما ذهب إليه الجمهور بحجّة قويّة. انظر تفسير الطبريّ ، ج ١٧ ص ٢٠٨.
(٣) لعلّه يشير إلى كتابه «الجامع» الذي هو كتاب في الحديث لم نعرف عنه إلّا عنوانه ، ولم يتحدّث عنه من ترجموا لابن سلّام ، ولعلّهم لم يطّلعوا عليه.