تفسير سورة المؤمنون (١) وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) : (١) أي قد سعد المؤمنون ، والسعداء أهل الجنّة.
ذكروا أنّ كعبا قال : [لم يخلق الله بيده إلّا ثلاثة ؛ خلق آدم بيده ، وكتب التوراة بيده ، وغرس الجنّة بيده] (٢) ثمّ قال لها : تكلّمي ، فقالت : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ). وذكر بعضهم أنّ الله خلق الجنّة فجعل لبنة من ذهب ، ولبنة من فضّة ، وملاطها ـ يعني أرضها (٣) ـ مسكا. ثمّ جعل فيها ما جعل ، ثمّ نظر إليها ثمّ قال : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) ، ثمّ أغلق بابها ، فليس يعلم ما فيها ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ، فالذي تجد من برد السحر وطيبه فهو ما يخرج من خلل الباب.
قوله : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) (٢) : والخشوع هو الخوف الثابت في القلب. وذكر لنا أنّ أحدهم كان يرفع بصره إلى السماء فلمّا نزلت هذه الآية غضّوا أبصارهم ، فكان أحدهم ينظر إلى موضع سجوده.
قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (٣) : واللغو هو الباطل ، ويقال : الكذب ، وهو واحد.
قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) (٤) : أي يؤدون الزكاة المفروضة.
قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) : (٥) أي من الزنا (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ:) أي إن شاء تزوّج واحدة ، وإن شاء اثنتين ، وإن شاء ثلاثا ، وإن شاء أربعا ، ولا يحلّ له ما فوق ذلك.
قوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) : أي يطأ بملك يمينه كم شاء. قال (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
__________________
(١) في ب وع : «سورة قد أفلح» ، وفي سع وز : «سورة المؤمنين» وأثبت ما جاء في مصاحفنا المطبوعة على الرسم العثمانيّ.
(٢) زيادة من سع ورقة ٤٤ ظ.
(٣) هذا الشرح للملاط غير وارد في سع ، ويبدو أنّه من زيادات بعض النسّاخ. والصحيح أنّ الملاط هو الطين الذي يجعل بين اللبن ، أو يملط ، أي يطلى ، به الحائط.