تفسير سورة النور وهي مدنيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) : أي هذه سورة أنزلناها (وَفَرَضْناها) : أي ما فرض في هذه السورة من فرائضه ، وحدّ فيها من حدوده ، وسنّ فيها من سننه وأحكامه. وهي تقرأ على وجهين : على التخفيف والتثقيل : (فَرَضْناها) و (فَرَضْناها). يعني ما فرض الله فيها وسنّ فيها (١). (وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (١) : أي لكي تذّكّروا.
قوله : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) : وهذا في الأحرار إذا لم يكونا محصنين. فإن كانا محصنين رجما ، وأمّا المملوكان فيجلدان خمسين خمسين إذا أحصنا ، وليس عليهما رجم.
ولا يقام حدّ الزنا على أحد حتّى يشهد عليه أربعة أحرار عدول يأتون جميعا غير متفرّقين. حرّا كان الزاني أو مملوكا. فإن شهد أربعة على امرأة ، أحدهم زوجها ، ففي ذلك اختلاف ؛ فبعضهم يقول : الزوج أجوزهم شهادة ، إذا جاءوا معا رجمت بشهادتهم ، وبعضهم يقول : لا ترجم ، ويلاعنها زوجها ، ويجلد الثلاثة ثمانين ثمانين جلدة.
فأمّا الرجل الزاني فتوضع عنه ثيابه إذا جلد ، وأمّا المرأة فيترك عليها من الثياب ما يصل إليها الجلد. وإن أقرّ الرجل على نفسه بالزنا وكان حرّا أقيم عليه الحدّ (٢). والجلد في الزنا بالسوط.
قال بعضهم : بلغنا أنّ رجلا أقرّ عند رسول الله بالزنا فدعا بسوط ، فأتي بسوط مكسور ، فقال : فوق هذا ، فأتى بسوط [جديد] (٣) لم تقطع ثمرته فقال : دون هذا. فأتي بسوط قد ركب به
__________________
(١) في ب وع اضطراب في هذه الجمل ، أثبتّ صوابها من ز ورقة ٢٣٠ وفيه : «وتقرأ (فرّضناها) بالتثقيل يعني بيّنّاها. وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٦٣ : (فَرَضْناها) أي حدّدنا فيها الحلال والحرام. ومن خفّفه جعل معناه من الفريضة».
(٢) كذا جاءت العبارة في ب وع. وفي سع ورقة ٤٩ وجاءت العبارة هكذا : «وإن أقرّ الزاني على نفسه بالزنا ، حرّا كان أو مملوكا ، لم يقم عليه الحدّ حتّى يقرّ على نفسه أربع مرّات».
(٣) زيادة من موطّأ الإمام مالك. كتاب الحدود ، ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا ، ص ٧١٥.